قال والمركب صيغ للإفهام شرع في تقسيم المركب ولا ريب فيما ذكر من أن المتكلم إنما صاغ المركب من المفردات ليفهم ما في ضميره.
قال فإن أفاد بالذات طلبا فالطلب للماهية استفهام وللتحصيل مع الاستعلاء أمر ومع التساوي التماس ومع التسفل سؤال وإلا فمحتمل التصديق والتكذيب خبر وغيره تنبيه ويندرج فيه الترجي والتمني والقسم والنداء.
المركب تارة يفيد طلبا بالذات أي بالوضع وإن شئت قلت إفادة أولية وطورا يفيد غير ذلك فإن أفاد طلبا بذاته فإن كان الطلب لماهية في الذهن وأحسن من هذه العبارة أن يقول طلب ذكر ماهية الشيء فهو الاستفهام كقولك ما هذا ومن هذا وإن كان لتحصيل أمر ما من الأمور فإن كان مع الاستعلاء فأمر كقول المتعاظم المستعلي لآخر افعل كذا سواء كان مع الاستعلاء عاليا في نفس الأمر أم لم يكن وإن كان مع التساوي كقول القائل لمماثله افعل كذا فهو التماس وتسمية التساوي بالالتماس اصطلاح خاص كما قال ابن دقيق العيد في شرح العنوان وإن كان من التسفل كقول من يجعل نفس دون المطلوب منه فهو سؤال سواء كان دونه في نفس الأمر كقول الداعي رب اغفر لي أو لم يكن وإن لم يفد بالذات طلبا فإما أن يحتمل التصديق والتكذيب أو لا.
القسم الأول: أن يحتملها فهو الخبر وزعم قوم أن تعبير المصنف ومن وافقه بالتصديق والتكذيب أحسن من قول غيره الصدق والكذب لأن من الأخبار ما لا يحتمل إلا الصدق كخبر الصادق وما لا يحتمل إلا الكذب كقول من قال الواحد نصف العشرة مع احتمال تصديق ذي المكابرة وقولنا الواحد نصف الإثنين ويحتمل التكذيب من الكفار والمعاند وهذا عندي غير مرضي فإن الحكم على الخبر من حيث هو والخبر من حيث هو خبر محتمل لذلك وسقوط أحد الاحتمالين في بعض الأفراد لخصوصية ومزية لا يخرج احتمال ماهية الخبر من حيث هي لمحتملاتها ثم إن التصديق والتكذيب عبارة عن الإخبار بكون الكلام صدقا أو كذبا فتعريفه به دور.