لكم دينكم الأصول أما التفاريع فالآية مخصوصة بالنسبة إليها لعدم شمول النص الصريح لجميع الجزئيات هذا تقرير ما في الكتاب ولك أن تجيب عن هذا الاعتراض بما هو أحسن من هذا الجواب فتقول المراد من قوله أكملت لكم دينكم بيان جميع ما يحتاج إليه في الدين والآية عامة على هذا التقدير ثم للبيان قد يكون بلا واسطة كما في التخصيص وقد يكون بواسطة كما إذا بين المدارك للأحكام فلم قلتم أنه لا يحصل ذلك إلا إذا كان البيان بلا واسطة وحينئذ لا ينافي إكمال الدين العمل بالقياس بل يكون من إكمال شرعه ولا يحتاج على هذا التقرير إلى تخصيص الآية بل تكون باقية على عمومها
قال الثالث أن أبا بكر رضي الله عنه قال في الكلالة أقول برأي أبي الكلالة ما عدا الوالد والولد والرأي هو القياس إجماعا وأمر عمر أبا موسى في عهده بالقياس وقال في الجد أقضي برأيي وقال له عثمان إن اتبعت رأيك في الإجماع فسديد وقال علي اجتمع رأيي ورأي عمر في أم الولد وقاس ابن عباس الجد على ابن الابن في الحجب ولم ينكر عليهم وإلا لاشتهر قيل ذموا أيضا قلنا حيث فقد شرطه توفيقا
الوجه الثالث مما يدل على أن القياس حجة وهو معتمد الجمهور الإجماع وتقريره أن العمل بالقياس مجتمع عليه بين الصحابة لصدوره من طوائف منهم من غير إنكار وكلما كان كذلك كان إجماعا لما تقدم في كتاب الإجماع وأما صدوره عن طوائف منهم فلما روى أن أفضل الصحابة الصديق رضي الله عنه قال حين سئل عن الكلالة أقول فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والرأي هو القياس لأنه يقال أقلت هذا برأيك أم بالنص فدلت مقابلته للنص على أنه للاستدلال وادعى المنصف في ذلك الإجماع وكذا ادعى صفي الدين الهندي في النهاية واستدل عليه بأن أصحابنا رووا عن السلف كلاما كثيرا أنهم عملوا بالرأي وقالوا الرأي هو القياس وساعدناهم على ذلك فدل على أن الرأي هو القياس وفاقا فإن قلت هل ذلك باعتبار أصل وضعه أو باعتبار النقلي قلت ألا ظهر أنه بطريق النقل مع أن ذلك مما لا حاجة لنا إليه مع ثبوت ما ذكرناه وأمر عمر رضي