وَمِنْ ذَلِكَ جَاءَ وَأَتَى فَالْأَوَّلُ يُقَالُ فِي الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْيَانِ وَالثَّانِي فِي الْمَعَانِي وَالْأَزْمَانِ وَلِهَذَا وَرَدَ " جَاءَ " فِي قَوْلِهِ: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} وآتى في: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} {أَتَاهَا أَمْرُنَا} .
وأما: {وَجَاءَ رَبُّكَ} أَيْ أَمْرُهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَهْوَالُ الْقِيَامَةِ الْمُشَاهَدَةُ وَكَذَا: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ} لِأَنَّ الْأَجَلَ كَالْمُشَاهَدَةِ وَلِهَذَا عَبَّرَ عَنْهُ بِالْحُضُورِ فِي قَوْلِهِ: {حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} وَلِهَذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ: {جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ} لأن الأول والعذاب وَهُوَ مُشَاهَدٌ مَرْئِيٌّ بِخِلَافِ الْحَقِّ.
وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْإِتْيَانُ مَجِيءٌ بِسُهُولَةٍ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الْمَجِيءِ قَالَ: وَمِنْهُ قِيلَ لِلسَّائِلِ الْمَارِّ عَلَى وَجْهِهِ: أَتِيٌّ وَأَتَاوِيٌّ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَدَّ وَأَمَدَّ قَالَ الرَّاغِبُ: أَكْثَرُ مَا جَاءَ الْإِمْدَادُ فِي المحبوب نحو: {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ} وَالْمَدُّ فِي الْمَكْرُوهِ نَحْوَ: {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّاً} .
وَمِنْ ذَلِكَ سَقَى وَأَسْقَى فَالْأَوَّلُ لِمَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ وَلِهَذَا ذُكِرَ فِي شَرَابِ الْجَنَّةِ نَحْوَ: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً} وَالثَّانِي لِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَلِهَذَا ذُكِرَ فِي مَاءِ الدُّنْيَا نَحْوَ: {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً} .
وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْإِسْقَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute