للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باعتبار ما خلقت منه فقط بل قد يخلق المؤمن من كافر والكافر من مؤمن كابن نوح منه وكإبراهيم من آزر، وآدم خلقه الله من طين فلما سواه ونفخ فيه من روحه وأسجد له الملائكة وفضله عليهم بتعليمه أسماء كل شيء، وبأن خلقه بيديه، وبغير ذلك، فهو وصالحوا ذريته أفضل من الملائكة وإن كان هؤلاء مخلوقين من طين وهؤلاء من نور، وهذه مسألة كبيرة مبسوطة في غير هذا الموضع فإن فضل بني آدم هو بأسباب يطول شرحها هنا وإنما يظهر فضلهم إذا دخلوا دار القرار " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " والآدمي خلق من نطفة ثم من مضغة ثم من علقة ثم انتقل من صغر إلى كبر، ثم من دار إلى دار، فلا يظهر فضله وهو في ابتداء أحواله وإنما يظهر فضله عند كمال أحواله، بخلاف الملك الذي تشابه أول أمره وآخره، ومن هنا غلط من فضل الملائكة على الأنبياء حيث نظر إلى أحوال الأنبياء وهم في أثناء الأحوال، قبل أن يصلوا إلى ما وعدوا به في الدار الآخرة من نهايات الكمال.

وقد ظهر فضل نبينا على الملائكة ليلة المعراج لما صار بمستوى يسمع فيه صريف الأقلام، وعلا على مقامات الملائكة والله تعالى أظهر من عظيم قدرته وعجيب حكمته من صالحي الآدميين من الأنبياء والأولياء ما لم يظهر مثله من الملائكة حيث جمع فيهم ما تفرق في المخلوقات، فخلق بدنه من الأرض وروحه من الملأ الأعلى، ولهذا يقال هو العالم الصغير وهو نسخة العالم الكبير ومحمد سيد ولد آدم وأفضل الخلق وأكرمهم عليه ومن هنا قال من قال إن الله من أجله العالم، أو إنه لولا هو لما خلق عرشاً ولا كرسياً ولا سماءً ولا أرضاً ولا شمساً ولا قمراً، لكن ليس هذا حديثاً عن النبي صلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>