وهذا يقول هو القرآن أي إتباع القرآن، وهذا يقول السنة والجماعة وهذا يقول طريق العبودية، وهذا يقول طاعة الله ورسوله، ومعلوم أن الصراط يوصف بهذه الصفات كلها ويسمى بهذه الأسماء كلها، ولكن كل واحد منهم دل المخاطب على النعت الذي به يعرف الصراط وينتفع بمعرفة ذلك النعت.
الوجه الثاني: أن يذكر كل منهم من تفسير الاسم بعض أنواعه أو أعيانه على سبيل التمثيل للمخاطب لا على الحصر والإحاطة كما لو سأل أعجمي عن معنى لفظ الخبز فأري رغيفاً وقيل هذا هو فذاك مثال للخبز وإشارة إلى جنسه لا إلى ذلك الرغيف خاصة، ومن هذا ما جاء عنهم في قوله تعالى:" فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات " فالقول الجامع أن الظالم لنفسه: المفرط بترك مأمور أو فعل محظور، والمقتصد: القائم بأداء الواجبات وترك المحرمات، والسابق بالخيرات بمنزلة المقرب الذي يتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض حتى يحبه الحق، ثم إن كلاً منهم يذكر نوعاً من هذا فإن قال قائل الظالم المؤخر للصلاة عن وقتها، والمقتصد المصلي لها في وقتها، والسابق المصلي لها في أول وقتها حيث يكون التقديم أفضل، وقال آخر الظالم لنفسه هو البخيل الذي لا يصل رحمه ولا تمام (١) زكاته، والمقتصد القائم بما يجب عليه من الزكاة وصلة الرحم وقرى الضيف والإعطاء في النائبة، والسابق الفاعل المستحب بعد الواجب كما فعل الصديق الأكبر حين جاء بماله كله، ولم يكن مع هذا يأخذ من أحد شيئاً وقال آخر الظالم لنفسه الذي يصوم عن الطعام لا عن