فصل: فإذا تبين ذلك فوجوب إثبات العلو لله تعالى ونحوه يتبين من وجوه: أحدها أن يقال إن القرآن والسنن المستفيضة المتواترة وكلام السابقين والتابعين بل وسائر القرون الثلاثة بما فيه إثبات العلو لله على عرشه بأنواع من الدلالات، ووجوه من الصفات، وأصناف من العبارات، تارة يخبر أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، وقد ذكر الاستواء على العرش في سبعة مواضع، وتارة يخبر بعروج الأشياء وصعودها وارتفاعها إليه كقوله تعالى:" بل رفعه الله إليه، إني متوفيك ورافعك إلي، تعرج الملائكة والروح إليه " وقوله: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " وتارة يخبر بنزولها منه أو من عنده كقوله تعالى: " والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق، قل نزله روح القدس من ربك بالحق - حم، تنزيل الكتاب من الرحمن الرحيم - حم، تنزيل من الله العزيز الحكيم " وتارة يخبر بأنه الأعلى والعلي كقوله تعالى: " سبح اسم ربك الأعلى " وقوله " وهو العلي العظيم ".
وتارة يخبر بأنه في السماء كقوله تعالى:" أأمنتم من السماء أن يخسف بكم الأرض؟ أأمنتم من في السماء يرسل عليكم حاصباً " فذكر السماء دون الأرض ولم يعلق بذلك ألوهية أو غيرها كما ذكر في قوله تعالى: " وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ".