كلام أحد من السلف والأئمة ما يوافق قول النفاة أصلاً، بل هم دائماً لا يتكلمون إلا بالإثبات، امتنع حينئذ أن لا يكون مرادهم الإثبات، وأن يكون النفي هو الذي يعتقدونه ويعتمدونه، وهم لم يتكلموا به قط ولم يظهروه، وإنما أظهروا ما يخالفه وينافيه، وهذا كلام مبين لا مخلص لأحد عنه لكن للجهمية المتكلمة هنا كلام وللجهمية المتفلسفة كلام.
مذاهب متفلسفة القرامطة في الصفات:
أما المتفلسفة القرامطة فيقولون: إن الرسل كلموا الخلق بخلاف ما هو الحق وأظهروا لهم خلاف ما يبطنون، وربما يقولون أنهم كذبوا لأجل مصلحة العامة فإن مصلحة العامة لا تقوم إلا بإظهار الإثبات، وإن كان في نفس الأمر باطلاً، وهذا مع ما فيه من الزندقة البينة والكفر الواضح قول متناقض في نفسه، فإنه يقال لو كان الأمر كما تقولون والرسل من جنس رؤسائكم، لكان خواص الرسل يطلعون على ذلك، ولكانوا يطلعون خواصهم على هذا الأمر، فكان يكون النفي مذهب خاصة الأمة وأكملها عقلاً وعلماً ومعرفة، والأمر بالعكس، فإن من تأمل كلام السلف والأئمة وجد أعلم الأمة عند الأمة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود ومعاذ بن جبل وعبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وأبي بن كعب وأبي الدرداء وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وأمثالهم هم أعظم الخلق إثباتاً، وكذلك أفضل التابعين مثل سعيد بن المسيب وأمثاله والحسن البصري وأمثاله وعلي بن الحسين وأمثاله وأصحاب ابن مسعود وأصحاب ابن عباس وهم من أجل التابعين، بل النقول