للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقوفاً أو مرفوعاً، فإن كلا القولين حق كما بسط الكلام عليه.

ولفظ الأعراض في اللغة قد يفهم منه ما يعرض للإنسان من الأمراض ونحوها، وكذلك لفظ الحوادث والمحدثات قد يفهم ما يحدثه الإنسان من الأفعال المذمومة والبدع التي ليست مشروعة، أو ما يحدث للإنسان من الأمراض ونحو ذلك. والله تعالى يجب تنزيهه عما هو فوق ذلك مما فيه نوع نقص فكيف تنزيهه عن هذه الأمور؟ ولكن لم يكن مقصود المعتزلة بقولهم هو منزه عن الأعراض والحوادث إلا نفي صفاته وأفعاله، فعندهم لا يقوم به علم ولا قدرة ولا مشيئة ولا رحمة ولا حب ولا رضى ولا فرح ولا خلق ولا إحسان ولا عدل ولا إتيان ولا مجيء ولا نزول ولا استواء ولا غير ذلك من صفاته وأفعاله.

وجماهير المسلمين يخالفونهم في ذلك، ومن الطوائف من ينازعهم في الصفات دون الأفعال، ومنهم من ينازعهم في بعض الصفات دون بعض، ومن الناس من ينازعهم في العلم القديم ويقول إن فعله قديم وإن كان المفعول محدثاً، كما يقول في نظير من يقوله في الإرادة. وبسط هذه الأقوال وذكر قائليها وأدلتهم مذكورة في غير هذا الموضع.

والمقصود هنا التنبيه على مجامع أجوبة الناس عن السؤال المذكور.

وهذا الفريق الثاني إذا قال لهم الناس إذا أثبتم حكمة حدثت بعد أن لم تكن لزمكم التسلسل، قالوا: القول في حدوث الحكمة كالقول في سائر ما أحدثه من المفعولات، ونحن نخاطب من يسلم لنا أنه إذا أحدث المحدثات بعد أن لم تكن، فإذا قلنا إنه أحدثها بحكمة حادثة لم يكن له أن يقول هذا يستلزم التسلسل، فإذا قلنا إنه أحدثنا بحكمة حادثة لم يكن له أن يقول هذا يستلزم التسلسل، بل نقول له: القول في حدوث الحكمة كالقول في حدوث المفعول الذي ترتبت عليه الحكمة ما كان جوابك عن هذا كان جوابنا عن هذا.

فلما خصم الفريق الثاني الفريق الأول قال لهم الفريق الثالث من أئمة

<<  <  ج: ص:  >  >>