وقال الحسن والنخعي: ليس لأولياء الدم إلا الدم إلا أن يشاء القاتل أن يعطي الدية. وقال أبو حنيفة وأصحابه: ليس له إلا القود، فإن عفا فلا يثبت له المال إلا برضا القاتل وكذلك قال مالك بن أنس. (قلنا: وحكى البغوي في "شرح السنة"١٠/ ١٦١: أنه أصح تولي الشافعي). وفي قوله: "فأهله بين خيرتين" دليل على أن الدية مستحقة لأهله كلهم، ويدخل في ذلك الرجال والنساء والزوجات؛ لأنهم جميعاً أهله. وفيه دليل على أن بعضهم إذا كان غائباً أو طفلاً لم يكن للباقين القصاص حتى يبلغ الطفل ويقدم الغائب، لأن من كان له خيار في أمر لم يجز أن يُفْتَات عليه قبل أن يختار، لأن في ذلك إبطال خياره، وإلى هذا ذهب أبو يوسف ومحمد بن الحسن، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال مالك وأبو حنيفة: للكبار أن يستوفوا حقوقهم في القود، ولا ينتظر بلوغ الصغار. وفيه دليل على أن القاتل إذا مات فتعذَّر القود، فإن للأولياء أن يأخذوا الدية من ورثته، وذلك لأنهم خُيّروا بين أن يُعَلِّقوا حقوقهم في الرقبة أو الذمة، فمهما فات أحدُ الأمرين كان لهم استيفاء الحق من الآخر. وقال أبو حنيفة: إذا مات فلا شيء لهم، لأن حقهم إنما كان في الرقبة، وقد فاتت، فلا سبيل لهم على ورثته فيما صار من ملكه إليهم.