للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

صلاح له في آخرته إلا باتباع الرسالة. فكذلك لا صلاح له في معاشه ودنياه إلا في اتباع الرسالة.

فإن الإِنسان مضطر إلى الشرع، فإنه بين حركتين حركة يجلب بها ما ينفعه وحركة يدفع بها ما يضرّه، والشرع هو النور الذي ينفعه وما يضره، والشرع نور الله في أرضه وعدله بين عباده وحصنه الذي مَن دخله كان آمنًا (١).

ويقول ابن القيم رحمه الله (٢): "فحاجة الناس إلى الشريعة ضرورية فوق حاجتهم إلى كل شيء، ولا نسبة لحاجتهم إلى الطب ... وأما الشريعة فمبناها على تعريف مواضع رضا الله وسخطه، فإن حركات العباد الاختيارية مبناها على الوحي المحض، والحاجة إلى التنفس مثلًا والطعام والشراب موت البدن وتعطّل الروح عنه، وأما ما يقدَّر عند عدم الشريعة ففساد الروح والقلب جملة، وهلاك الأبد، وشتان بين هذا" (٣) وهلاك البدن بالموت.

فحاجة الناس إلى الرسالات أعظم من حاجتهم إلى الأكل والشرب والهواء, لأن ذلك يؤدي إلى إصلاح النفس البشرية، وذلك بفضل الرسالات السماوية التي رحم الله بها عباده، وأنزلها بواسطة رسله عليهم السلام.


(١) الفتاوى ج ١٩ ص ٩٩ - ابن تيمية.
(٢) ابن القيِّم: هو محمَّد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي الملقب بابن قيِّم الجوزية، ولد سنة ٦٩١ هـ بدمشق ونشأ فيها، كان يميل في أول عهده إلى التصوف، ثم انتقل لدراسة القرآن الكريم وعلومه، ولقد لقي في سبيل حرية الرأي والجهر بالحق ما لاقاه شيخه ابن تيمية من تعذيب وسجن. له كثير من المصنفات منها: أعلام الموقعين، الطرق الحكمية، مدارج السالكين -توفي رحمه الله بدمشق سنة ٧٥١ هـ. انظر (القول المبين في طبقات الأصوليين ٢/ ١٦١).
(٣) مفتاح دار السعادة ج ٢ ص١ - ابن القيم.

<<  <   >  >>