للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تستغل ضعف تركيا السياسي لتحمي المبشرين في أعمال التبشير، مع أن الولايات المتحدة مثلاً لا يمكن أن تسمح لمدرسة أن تستقبل الطلاب الأمريكيين بلا رخصة ثم تلقنهم فوق ذلك ما يخالف المبادئ الأمريكية.

ولما صعب على المبشرين البروتستانت الوصول إلى المسلمين التفتوا إلى الأرثوذكس والأرمن. حينئذٍ لجأ بطريرك الأرمن إلى الباب العالي، فحرص الباب العالي على أن يحمي الأرمن من المبشرين البروتستانت. فتدخل السفير البريطاني (السير سترافورج كاننج) (١) ثم ما زال يسعى حتى استطاع عام ١٨٥٠ أن يحصل على فَرَمَانْ يعترف بوجود طائفة بروتستانتية وطنية منحت من الحقوق ما يتمتع به الأرثوذكس والأرمن في الإمبراطورية العثمانية (٢). ومعنى هذا أن المبشرين البروتستانت أصبحوا يعملون من وراء ستار الطائفة البروتستانتية الوطنية فلا تستطيع الدولة حينئذٍ أَنْ تَعُدَّ البروتستانت أجانب فتحاول أن تكسر نشاطهم، أو أن تمنعهم من العمل جهارًا أيضًا. (٣)

ومن الأدلة القاطعة على أن حماية المبشرين كانت تحمل طابعًا سياسيًا لا دينيًا أن (المستر أوسكار ستراوس)، وزير الولايات المتحدة المفوض في تركيا، كان يهوديًا. ومع ذلك فإنه كان يساعد المبشرين النصارى ويقول: «أَنَا أَمَرِيكِيٌّ فِي الدَّرَجَةِ الأُولَى ثُمَّ أَنَا يَهُودِيٌّ». ولما سحبته الولايات المتحدة من استانبول أسف المبشرون لذلك (٤).

الجِنْسِيَّةُ الأَجْنَبِيَّةُ:

أما إذا اتفق أن اعتنق رجل النصرانية أو انتقل إلى المذهب البروتستانتي فكان القناصل والرجال السياسيون الأجانب يأخذونه تحت جناحهم عَلَنًا ويتدخلون في كل صغيرة وكبيرة من أجله حتى في الأمور الداخلية البحت (٥). ولقد اشتهر ذلك عنهم:

لما انهزم يوسف كرم جاء فلاح من رجاله إلى المبشر الأمريكي (هنري جسب) وأفضى إليه بأنه يريد أن «يُقْلَبَ إِنْجْلِيزِيًّا»، أي أن يصبح بروتستانتيًا. ولما سأله (جسب) عن الدافع الحقيقي لرغبته هذه، قال له: «إِنِّي مِنْ رِجَالِ يُوسُفْ كَرَمْ وَقَدْ فَرَرْتُ بَعْدَ الهَزِيمَةِ، فَإِذَا قَبَضَ الأَتْرَاكُ عَلَيَّ الآنَ أَعْدَمُونِي. فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُصْبِحَ بْرُوتِسْتَانْتِيًّا حَتَّى أَنَالَ حِمَايَةَ


(١) Sir Straford Canning
(٢) Islam and Missions ١٦٠
(٣) Bliss R ٣١٤, ٣١٥ : cf. Islam and Missions ١٦١
(٤) Jessup ٥٣٤
(٥) Jessup ٢٦٧

<<  <   >  >>