[الباب الخامس: المرحلة الثانية من الأنسان"قوة الرشد"]
[الفصل الخامس عشر: حدود الرشد وأهمية مرحلة القوة في حياة الأنسان]
[مدخل]
...
الباب الخامس المرحلة الثانية من الإنسان: "قوة الرشد"
الفصل الخامس عشر: حدود الرشد وأهمية مرحلة القوة في حياة الإنسان
سبق أن أشرنا إلى أن الخطة العامة التي يسير عليها هذا الكتاب هي الالتزام بالتقسيم الثلاثي "لمراحل نموِّ الإنسان" كما حددها القرآن الكريم، في قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم: ٥٤] .
وقد تناولنا من الباب الثاني وحتى الباب الرابع من هذا الكتاب، وعلى مدى أربعة عشر فصلًا المرحلة الأولى من حياة الإنسان، وهي مرحلة الضعف الأول على حد التعبير القرآني المعجز, والذي يمتد به جنينًا في رحم الأم حتى يصل به شابًّا فتيًّا على أعتاب الرشد.
ونتناول في الباب الخامس وما يليه "مرحلة القوة", ويقصد بها هنا قوة الرشد الإنساني, والكلمة الأجنبية المقابلة لمصطلحنا العربيّ "الرشد" هي adult hood، والراشد هو adult، وكلاهما مشتق من نفس الفعل اللاتيني الذي منه كلمة adolescence أي: مراهقة، وهو adolescere, ويعني "أن يتجه نحو النضج"، والفرق بينهما أن الكلمة التي تقابل مصطلح "مراهقة تأتي من مصدر الفعل "مضارعه أو تصريفه الأول" ولذلك فهي تعني أن الفرد لا يزال في عملية التحول إلى النضج، بينما الكلمة التي تعني الرشد تأتي من اسم المفعول "التصريف الثالث لهذا الفعل اللاتيني" وهو adultes, ولذلك فهي تعني اكتمال النضج، وبهذا يصبح الفرد جاهزًا لشغل مكانته في المجتمع مع غيره من الراشدين١.
والرشد في اللغة العربية هو نقيض الغي والسفه, والراشد هو من يصيب وجه الأمر والطريق, ولا يكون الإنسان كذلك إلّا إذا بلغ "اكتمال النضج".
١ شاع في التراث التربوي والسيكولوجي العربي المعاصر استخدام مصطلح تعليم الكبار, ترجمة لعبارة adult education، وهي ترجمة غير موفقة في ضوء تحليلنا اللغوي، والأصح أن تكون تربية الراشدين أو تعليم الراشدين، وهو المصطلح الذي سنستخدمه في هذا الكتاب.