مع بلوغ طور العش الخالي في دورة الحياة الأسرية يدخل الزوج والزوجة مرحلة جديدة من حياتهما الزوجية؛ فابتعاد الأبناء عن البيت يسمح لهما أن يعيدَا تركيز انتباه بعضهما على بعض وعلى زواجهما, ويكون هذا هو وقت إعادة اكتشاف كلٍّ منهما للآخر، وأحيانًا التعرف على الفجوة التي ربما كانت توجد بينهما, كما أنه الوقت الذي يُعَادُ فيه إعادة تأمل نمط الحياة الزوجية, وبعض الأزواج قد يندهشون حين يكتشفون أن العلاقة بينهما لم يطرأ عليها ضعف أو فتور, بل تكاد تكون نفس قوتها السابقة على الرغم من مرور أكثر من عشرين عامًا على الزواج, بينما يجد آخرون أن حياتهم الزوجية صارت يغلب عليها الطابع الروتيني مع نقص في عمليات التواصل بين الزجين, مما يتطلَّب تغيرًا في بعض أساليب التفاعل بينهما لإحياء العلاقة من جديد.
ويُعَدُّ الجانب الأكثر تعرضًا للبحث في موضوع الحياة الزوجية في طور منتصف العمر موضوع التوافق الزواجي, وكان الاتجاه القديم أن معظم الزيجات تصبح أقل حيوية, كما أن العلاقة الزوجية تزداد جفافًا مع مسيرة الزواج, إلّا أن الدراسات الحديثة أوضحت أن هناك نقاط صعود وهبوط في الرضا الزواجي في السنوات المتأخرة من الحياة الزواجية, فلكلٍّ من الزوجين تُعَدُّ المرحلة التي يكون فيها الأبناء في سن المدرسة نقطة هبوط توافقي "توافق سلبي"، بينما مرحلة ما بعد الأطفال postchild والتقاعد يتم إدراكها إدراكًا إيجابيًّا "Huyck, ١٩٨٢", وعلى الرغم من أن المرحلة التي يترك فيها الأبناء المنزل هي عادةًَ فترة ضغط وتوتر، فإن عدم الرضا يرتبط بالأبناء أو الوالدية أكثر من ارتباطه بالزواج في ذاته, أو بعلاقة أحدهما بالآخر.
ما الذي يسبب زيادة الرضا الزواجي خلال هذا الطور من الحياة؟ توحي نتائج البحوث بأن ضغوط الدور التي يشعر بها المرء خلال السنوات المبكرة من الزواج تتناقص في منتصف العمر؛ فالأم -خاصة الأم العاملة- تشعر بالحرية من ضغط وعبء الجمع بين أدوار العمل والأمومة، كما أن الاهتمام العاطفي