للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشريان الأورطي, بالإضافة إلى أن خلل الأوعية الدموية يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم. صحيح أن كثيرًا من هذه التغيرات قد يحدث في مراحل سابقة على الشيخوخة, إلّا أنها تكون أكثر وضوحًا في هذه المرحلة. وهناك تغير آخر في الجهاز التنفسي؛ حيث تصبح السعة الحيوية للرئتين أقل بكثير مما كان عليه الحال من قبل. ويفسر ذلك ما يشعر به المسنون من اضطرابات التنفس بعد تدريب بدني قصير "كطلوع السلّم مثلًا", وعلى الرغم من أن سبب الشيخوخة قد يعود إلى أسباب وراثية وبيولوجية "في بناء الخلية" إلّا أن صحة القلب والأوعية الدموية لها أهميتها الحاسمة.

ويذكر "Turner & Hilms, ١٩٨٣" أن العامل الرئيسي الذي يؤدي إلى هذه التغيرات حدوث عمليات بيوكيميائية معقدة، ومن أهمها التغير الكيميائي الذي يطرأ على مادة الكولاجين، وهي المادة البروتينية التي توجد في جميع أجزاء الجسم؛ مثل: النسيج الضام والعظام والخلايا والألياف العضلية وجدران الأوعية الدموية؛ فهذه المادة تفقد مرونتها مع التقدم في السن، وتفقد الأعضاء نتيجة لذلك قدرتها على استعادة حجمها وشكلها, ويؤدي التغير في كيف الكولاجين إلى زيادة ترسُّب أملاح الكالسيوم في الأنسجة, وخاصة في جدران الشرايين، ويؤدي إلى تصلبها؛ بحيث تصبح في المراحل المتأخرة جدًّا من العمر أشبه بأنابيب من العظم.

ويؤدي تدهور الكولاجين الخاص بالشعيرات الدموية إلى النقص في كفاءة الكليتين وفي مرونة الرئتين، ويؤدي ذلك بدوره إلى بعض الاضطرابات فيهما, وخاصةً حالات التضخم, ويزيد الكولاجين في القلب على نحوٍ يؤدي إلى تصلب القلب وصماماته, كما يؤدي إلى تصلب الشرايين, الذي يُعَدُّ أكثر أمراض الشيخوخة شيوعُا. ونتيجةً لذلك لا يعمل القلب بكفاءته السابقة, وهناك اضطرابات أخرى تنشأ عن الخلل الكيميائي للكولاجين أشرنا إليها من قبل, ومنها اضطرابات المفاصل وتغضن الجلد.

وتوجد مادة بروتينية أخرى لها أهميتها في إحداث الشيخوخة الفسيولوجية, وهي ألياف الإيلاستين، وهي التي تؤلف حوالي ٣٠% من جدار الشريان الأورطي؛ فمع الشيخوخة يُعَادُ توزيع هذه المادة, وينتج عن ذلك أن الألياف تصبح أكثر رقّةً وأقل تركيزًا، بل إن بعضها يدمر, ومع حدوث ذلك تزداد كمية الكالسيوم المحيطة بالإيلاستين مما يؤدي إلى زيادة تصلب جدران الشرايين, ومع نقص مقدار الإيلاستين في الشريان الأورطي يزيد مقدار الكولاجين.

<<  <   >  >>