للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كانت النظم الجديدة من أهم الأسباب التي دعت إلى إصدار الوقائع كجريدة للحكومة المصرية، فإن الوالي كان يريد أن يرى المصريون أو خاصة المصريين بمعنى أوضح المثل التي رسمها لسياسته العامة، فهو قد احتكر الأرض وأصبح التاجر الأول والصانع الأول في مصر، ومعظم هذا النظام غريب على المصريين، له حسناته وله سوءاته، وقد فرض على البلاد فرضًا، فلا أقل من إذاعة النتائج الطيبة التي سينتجها فعلًا هذا النظام، والوقائع المصرية وسيلته عند الراضين والساخطين على السواء، وهو ينشئ القناطر والجسور ويشق الترع وهذا يكلف الناس جهدًا فوق طاقتهم، ويتخلله شيء من ظلم الجماهير بتسخيرها في الحفر والشق وتعبيد الطرق، فلا أقر من أن تكتب المقالات تصف كفاح الحكومة من أجل عمران مصر، ثم هو ينشئ مصانع النسيج ومعامل الغزل ودور الصناعات الحربية بجانب المدارس على اختلاف أنواعها ويرسل البعوث هنا وهناك ويهيئ أحواض السفن لبناء أسطوليه التجاري والحربي فيربط مصر بأوربا بعد أن انقطعت الصلات عدة قرون، ثم يأمر فينشر هذا كله في صحيفته وهي الميدان الفسيح لمدحه والثناء عليه، وهكذا تعطي الوقائع المصرية بمقالاتها وأخبارها صورة للحكومة العادلة القادرة المجددة.

وهو يريد أن يرى الناس جزاء المجد أو المهمل فيأمر بنشر أخبار الموظفين ترقيتهم وعزلهم، ثم يأمر بنشر القضايا المهمة التي تتصل بالشرع والعرف مع ذكر الحكم والقصاص، ثم يؤكد على المحرر بأن يذيع بين آن وآن ما رمم من المساجد وما أنشئ من المؤسسات الخيرية إلى غير ذلك من الأخبار التي تتصل بالزرع والحيوان١ ثم لا يغيب عن صفحاتها بعض الأدب وأخبار السياسة الخارجية وشئون الدول الاجتماعية لعل فيها عظة وعبرة لقرائها.


١ محفوظات عابدين وثيقة ٦٥ في غرة صفر عام ١٢٥٨هـ، دفتر ٢٨٦ شورى المعاونة.

<<  <   >  >>