للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولم نوفق إلى الحصول على نسخة من الجريدة العسكرية حتى نصورها في الصورة اللائقة بها، ولكن في استطاعتنا أن نقرر من تسمية هذه الجريدة أنها كانت تنشر تفاصيل هذه الجرائم والقصاص الذي نزل بمرتكبيها، وأنها قياسًا على ما كان يحدث في أمر توزيع الجرنال والوقائع نرجح أنها كانت توزع على ضباط الجيش، ولعلها كانت تقرأ على الجنود أو يفسر لهم ما فيها، وأكبر الظن أن حياة هذه الجريدة لم تستقم على ما كان يهوى دولة السر عسكر فإن الجنود المصرية لم تكن خلال حرب الشام في حالة تسمح باستقرار ينتج صحيفة تصدر خمسة عشرة مرة في كل شهر؛ لأن الحواديث والجرائم التي تقع في الجيش كان يتعذر نقلها في انتظام إلى مصر من حدود الأناضول أو من أعماق السودان لتنتظم أمور الجريدة وحوادثها، وفي ذلك شكا دولة السر عسكر كما رأينا.

ونحن نرجح أن عمر هذه الجريدة لم يطل لأن الوثائق التي اتصلت بالجيش ونظامه وحروبه وظفره أنكرتها إنكارًا تامًا فيما خلا تلك الوثيقة التي أشارت إليها، وعندي أن معاهدة لندن وقد حدت من نشاط العسكرية في مصر قد حالت دون استمرار الجريدة واضطلاعها بالأعباء التي حدثتنا عنها وثيقة مجلس شورى الجهادية أو لعلها تطورت إلى شيء يشبه الغازتة العسكرية المعروفة بأخبار الترقيات والتنقلات بين صفوف الجيش، وهو عمل صحفي هادئ تدعو إليه الحاجة وليس له موعد معلوم.

أثبت جرنال الخديو والوقائع المصرية والجريدة العسكرية أن ولي النعم كان يؤمن بقدر الصحافة وخطرها في المسائل العامة التي كان يكرس حياته من أجلها، وقد أدى جرنال الخديوي وظيفته من حيث تمثيله للنظم القديمة، كما أدت الوقائع المصرية رسالتها من حيث أنها كانت أكثر عمومية وأوسع إدراكًا لمعنى الجريدة بصفتها الرسمية والعامة كما أنها كانت لسانًا طيبًا لإصلاحاته وتنظيماته التي أدخلها في سنة ١٨٢٦، وهكذا كان الغرض من الجريدة العسكرية، فقط ارتبط وجودها باتساع الجيش اتساعًا لم يكن معهودًا من قبل.

<<  <   >  >>