للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يقال: إن قرأ لـ"هيجل" وتأثر برأيه في: "أنا" وقرأ لـ"نيتشه" ومال إلى مذهبه في "السوبرمان" وهو رمز القوة والاعتداد بها، فنادى بالفردية، وقوم الإنسان كفرد، وجعله وحدة الحياة الإنسانية وأصل الجماعة وخالقها.

ثم قرأ لـ"فيشته" ما يراه في "التاريخ البشري" من أن عظماء الأفراد هم الذين يكونون التاريخ وليست أحداث الحياة، وبالأخص المادي منها، فقال بما يقول به "فيشته" في تاريخ الجماعة ودور الفرد في تكوين هذا التاريخ.

وقد يقال: إنه صوفي ينزع إلى "وحدة الوجود" ويفضل الرياضة الصوفية كطريق لصفاء النفس، أو كوسيلة للوصول إلى الذات العليا والقرب منها فقال هنا بعدم "التغاير" المطلق، أو عدم "الانفصالية" الواضحة في الوجود فليس الله "غيرا" لما عداه على الإطلاق، وليس الإنسان "غيرا" لعالمه الخارجي على الإطلاق، وليست الروحية في الحقيقة الإسلامية غيرا لمظهرها الدنيوي على الإطلاق، وبالتالي ليس الإيمان مغايرا للإسلام.

قد يقال هذا كله، أو بعضه ...

والذي لا شك فيه أن "إقبال" درس الفكر الغربي دراسة واسعة، وهضمه واستفاد من منهجه، وتعبيراته، ومصطلحاته ...

والذي لا شك فيه أيضا أن "إقبال" كان صوفيا، وكان يقدر الرياضة الصوفية ... ليس فقط لصفاء النفس والروح، وإنما أيضا للوصول إلى المعرفة "الكلية" ...

ولكن مع ذلك ليس ما يذكره "إقبال" هنا، هو ترديدا للفكر الغربي ... أو أثرا للصوفية.. أو مزاوجة بين الفكر الغربي والصوفية في الإسلام معا.

إن "إقبال" بالأحرى رأى ضعفا في المسلمين كأفراد وكجماعة، ورأى ركودا في أفهام المسلمين للإسلام، ورأى عزوفا من المسلمين -وبالأخص في الهند- عن حياة الواقع والحس ... رأى إنسان سلبيا في كل جانب. ورأى مع في إسلامه دينا إيجابيا في كل جانب ... رأى من جانب إنسانا لا يصلح لهذه الحياة، ورأى من جانب آخر دينا هو لهذه الحياة والحياة الأخرى معا.

<<  <   >  >>