للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعاش التحالف بين الجانبين على وهنه خلال القرن التاسع عشر ولكنه بقي قائما بصورة من الصور إلى عهد مرجوليوث في هذا القرن, ولم ينحل تماما قط، وتعلم الفريقان أن يراجعوا أهدافهم ومناهجهم، ولكن ظل هناك على حاله تيار عميق من الفكر السائد -ربما غدا الآن كامنا في أعماق ما وراء الشعور- يذهب إلى أن الإسلام لا بد أن يعاد تشكيله في قوالب غربية Westernization أو عصرية Modernization أو إصلاحية reformation وهكذا صلى المبشرون وجادل المستشرقون، وكتب الفريقان أو واصلوا الكتابة بدرجات متفاوتة من الدهاء وبعد النظر في تناول الموضوع.

ولنحصر الآن دراستنا في بريطانيا، فهي موضوع هذا البحث. على أن الدراسات الشرقية في بريطانيا -كغيرها من البلاد- كانت مرتبطة بتطور الدراسات الإنسانية في الجامعات الأوروبية نتيجة لتأثير هذا التطور في دراسة التاريخ عموما وفي الاقتراب من حقيقة الإسلام بوجه خاص.

وأسهم الباحثون الإنجليز والفرنسيون والألمان وغيرهم من الباحثين من مختلف الأمم بجهود كبيرة من الدراسات العربية والإسلامية عن طريق التدريس والكتابة ونشر النصوص، استطاعت جهودهم مجتمعة أن تهيئ ظروفا ملائمة لرعاية اتجاه متميز للاقتراب من حقيقة الإسلام يكون مخلصا كما يمكن أن يصدق عليه وصف الأكاديمية١.

وليس من شك أنه ثمة تقدم ملحوظ صوب هذا الهدف قد حدث. ولكن لا يشك كثيرا أيضا في أن الوصول إلى هذا الهدف لم يتحقق لعدد ذي خطر من الدارسين المعاصرين للإسلام، وسواء منهم من لقي ربه أو من لا يزال على قيد الحياة وجهودهم تنقسم بطبيعتها إلى قسمين متميزين: نشر النصوص والدراسات التحليلية، مما سيرد تفصيله فيما بعد. ولكن يمكن أن نقرر هنا على سبيل الإجمال أن النظرة العلمية للدارسين للإسلام من الناطقين بالإنجليزية -وهم الذين نقصر دراستنا عليهم في السطور التالية- كانت أقل عمقا في دراسات هؤلاء منها في نشرهم للنصوص، ولا تعوزنا الشواهد على قصور التمييز حتى بالنسبة لنشر ترجمة لبعض النصوص،


١ لأجل العرض التاريخي انظر:
J. Fuck, Die Arabischer Studies in Europa bis in dee Anfang des ٢٠ , Yahrhunderts, Leipzrig ١٩٥٥.

<<  <   >  >>