للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدرجوا استدراجا لا يبين ولا يظهر أنه لقصد بلاد بل للتوسع في المرعى، فلا يشعر بهم إلا وهم بخراسان، حتى إذا صاروا فيها، جاسوا بها خلال الديار، وعاثوا فيا عبث الذئاب، وهم مع سيرهم المجد من بلادهم إلى خراسان لا مشقة عليهم ولا على دوابهم، لأنهم من ماء إلى ماء، ومن مرعى إلى مرعى.

قال ابن الحكيم: ولهذا يخاف ملوكنا عادية هؤلاء لأنهم لا يعلمون بهم إلا وهم معهم.

قلت: ومن هذه البلاد نجم الدولة السلجوقية [١] في عهد السلطان مسعود السبكتكين [٢] «١» ، ما بزغ كوكبهم ثم استعلى نيرهم ونبع معيتهم، ثم فاضت أبحرهم، وكان الاحتجاج بالتنقل في المرعى هو السبب لجر الملك إليهم حتى اشتهر من أعلامهم، وانتشرت أيامهم على ما هو مرقوم في صدر السير وصفحات التواريخ.

ولم يزل لأهل هذه (المملكتين (قديمة) «٢» وكان سكان الهند لا يلزمون مقاومتهم، ولا يتقون إلا بصدور الأفيال مصادمتهم، حتى علت والحمد لله بالهند دولة الإسلام، وزادت اليوم بلسطانها القائم علوا، وتناهت غلوا، فنامت عيون أهل هذه البلاد لهيبة ذلك السلطان لعدم هجوده، وسكتت ثعالبهم المخاتلة بزئير أسوده، ولقد كان أهل هذه المملكة لا تزال تجوس أطراف الهند خيولهم، وتحتجف به الأموال والأولاد سيوفهم، حتى نشأ بالهند سلطانه الآن، وشمر للحرب ذيله،


[١] دولة السلاجقة.
[٢] مسعود بن محمود الغزنوي حكم سنة ٤٢٢ هـ بعد حبس أخيه محمد، ولم يستطع أن يواجه السلاجقة والغوريين ففر ألى الهند ولكنه قتل على يد جماعة من أتباع ابن أخيه أحمد (روضة الصفا ١٦٠- ١٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>