وقال لي: إن عنده أمما من الكفار في مملكته وهو لا يأخذ منهم جزية وإنما يستعملهم في استخراج الذهب من معادنه، وقال لي: إن معادن الذهب تحفر الجورة عمق قامة أو ما يقاربها فيوجد الذهب في جنباتها وربما يوجد مجتمعا في سفل تلك الحفائر.
وملك هذه المملكة في جهاد دائم وغزو ملازم لمن جاوره من كفّار السودان، وهم أمم لا يستوعبهم الزمان.
قال لي الدكّاليّ:
وأهل هذه المملكة كثير فيهم السحر والسّم ولهم عناية بهما وتدقيق فيهما، وعندهم حشائش وحيوانات يركّبون منها السموم القتالة ولا سيما من نوع السمك، يوجد عندهم ومرارات التماسيح، فإنها سموم لا دواء لها.
وحدّثني الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن الصّائغ الأمويّ قال:
حدّثني الوزير أبو عبد الله محمد بن زاغنوه [من]«١»(٥٠٨) أهل بلدنا المريّة بالأندلس، وهو ثقة من الفقهاء العلماء، قال:
ركبت في مركب لتجارة لي مع جملة تجار من فم الإيلاية وهو مدخل البحر المحيط قاصدين بعض بلاد (برّ) العدوة، فلعبت بنا الريح، و [تقاذفتنا] الأمواج إلى أن عدّينا المكان المقصود، وتمادى بنا الحال إلى أن عجزنا عن الإرساء إلى البرّ، ولم نزل على هذا نتغلغل في المحيط إلى الجنوب إلى أن دفعنا في ظلمات ممتدة إذا أخرج الإنسان بها يده لم يكد يراها، وأيقنا بالهلاك لوقوعنا في الظلمات، ثم لطف الله بسكون الريح فدارينا المركب، ورفقنا به وقصدنا جهة البرّ إلى أن وصلنا إلى البرّ وأرسينا به وخرجنا نطلب الخلاص لأنفسنا، فرأينا