السودان، وكان الدعي المذكور محارفا قصيفا وسار إلى ديار مصر، ونزل بدار الحديث الكاملية ثم عاد إلى الغرب فلما مرّ على طرابلس كان هناك شخص أسود يسمى نصيرا وكان خصيصا بالواثق المخلوع، وقد هرب لما جرى للواثق ما جرى، وكان في الدعي بعض الشبه من الفضل بن الواثق، فدبر مع نصير المذكور الأمر فشهد له أنه الفضل بن الواثق فاجتمعت عليه العرب، وكان منه ما ذكرناه (٢٨٥) حتى قتل، وكان الدعي يخطب له بالخليفة المنصور بالله القائم بحق الله أمير المؤمنين بن أمير المؤمنين [أبي]«١» العباس الفضل، ولما استقر أبو حفص عمر في المملكة وقتل الدعي تلقب بالمستنصر بالله أمير المؤمنين، وهو المستنصر الثاني، ولما استقر في المملكة سار ابن أخيه يحيى بن إبراهيم بن أبي زكريا الذي سلم من المعركة إلى بجاية وملكها وتلقب بالمنتخب لإحياء دين الله أمير المؤمنين، واستمر المستنصر الثاني أبو حفص عمر بن أبي زكريا في مملكته حتى توفي في أوائل محرم سنة خمس وتسعين وست مئة، ولما اشتد مرضه بايع لابن له صغير واجتمع الفقهاء وقالوا أنت صائر إلى الله وتولية مثل هذا لا يحل فأبطل بيعته، وأخرج ولد الواثق المخلوع الذي كان صغيرا وسلم من الذبح الملقب بأبي عصيدة [وبويع صبيحة موت أبي حفص عمر الملقب بالمستنصر، وكان اسم أبي عصيدة المذكور]«٢» أبا عبد الله محمد فلقب بالمستنصر أيضا وهو المستنصر الثالث، وتوفي في أيامه صاحب بجاية المنتخب يحيى بن إبراهيم بن أبي زكريا وملك بجاية بعده ولده خالد «٣» ، وبقي أبو عصيدة كذلك حتى توفي سنة تسع