للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصل العلم: هو نظر واستدلال ابتدعوه، ليس هو المشروع؛ لا خبراً، ولا أمراً. وهو استدلال فاسد لا يُوصل إلى العلم؛ فإنّهم جعلوا أصل العلم بالخالق هو الاستدلال على ذلك بحدوث الأجسام١، والاستدلال على


١ لأنّهم قالوا إنّ إثبات الصانع لا يُعرف إلا بالنظر المفضي إلى العلم بإثباته، والعلم بإثبات الصانع لا يمكن إلا بإثبات حدوث العالم، وإثبات حدوث العالم لا يمكن إلا بإثبات حدوث الأجسام؛ لذلك جعلوا أصل العلم بالخالق هو الاستدلال على ذلك بحدوث الأجسام. انظر: الفرقان بين الحق والباطل لابن تيمية ص ٩٦، ٩٨. والرسالة التدمرية له ص ١٤٨. ومنهاج السنة النبوية له ١/٣٠٩-٣١٠.
ويذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في موضع آخر أنّ الذي أوجب دليل الأعراض وحدوث الأجسام هم متأخرو الأشعريّة؛ كالجوينيّ، فيقول رحمه الله: "وبالجملة: فإنه وإن كان أبو المعالي ونحوه يوجبون هذه الطريقة، فكثير من أئمة الأشعريّة، أو أكثرهم يُخالفونه في ذلك، ولا يُوجبونها، بل إمّا أن يُحرّموها أو يكرهوها أو يبيحوها وغيرها، ويُصرّحون بأنّ معرفة الله تعالى لا تتوقّف على هذه الطريقة، ولا يجب سلوكها. ثمّ هم قسمان؛ قسم يسوقها ويسوق غيرها ويعدّها طريقاً من الطرق، فعلى هذا إذا فسدت لم يضرّهم. والقسم الثاني يذمونها ويعيبونها ويعيبون سلوكها، وينهون عنها؛ إمّا نهي تنزيه، وإما نهي تحريم". نقض التأسيس لابن تيمية ٢/١٥.
وهؤلاء الذين يقولون إنّ معرفة الله لا تتوقّف على طريقة الأعراض، ولا يوجبونها، أو الذين ينهون عنها هم من متقدّمي الأشعريّة.. أمّا متأخروهم، فكلهم على أنّها أصل الدين، ولا يُعرف الله إلا بها.
وطريقة الأعراض وحدوث الأجسام هذه مأخوذة عن الجهميّة والمعتزلة؛ فهم الأصل فيها، وعنهم انتشرت، وإليهم تُضاف.. كما نصّ على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل ٧/٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>