للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يدني الله العبد يوم القيامة، فيضع عليه كنفه فيستره مِنَ الْخَلَائِقِ كُلِّهَا، وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ كِتَابَهُ فِي ذلك الستر، فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، فيمر بالحسنة فيسر بها قبله، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: أَتَعْرِفُ يَا عَبْدِي? فَيَقُولُ: نَعَمْ، يَا رَبِّ أَعْرِفُ، فَيَقُولُ: إِنِّي قد تقبلتها. قال: فيخر ساجداً قال: فيقول ارفع رأسك، وعد إلى كتابك، فيمر بالسيئة فيسود لها وجهه، ويحزن بها قلبه، وترتعد مِنْهَا فَرَائِصُهُ، وَيَأْخُذُهُ مِنَ الْحَيَاءِ مِنْ رَبِّهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَتَعْرِفُ يَا عَبْدِي? فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ أعرف، فيقول فإِني قد غفرتها لك، فلا يزال بين حسنة تقبل فيسجد، وسيئة تغفر فيسجد، لَا يَرَى الْخَلَائِقُ مِنْهُ إِلَّا ذَاكَ السُّجُودَ، حَتَّى يُنَادِيَ الْخَلَائِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا: طُوبَى لِهَذَا الْعَبْدِ الَّذِي لَمْ يَعْصِ اللَّهَ قَطُّ وَلَا يَدْرُونَ مَا قَدْ لَقِيَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الله تعالى مما قد وقف عليه".

وقال ابن أبي الدنيا، وقال ابن أبي يَاسِرٍ، عَمَّارُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ: مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ أُتِيَ بكتاب في باطنه سيئاته، وظاهره حَسَنَاتُهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ كِتَابَكَ فَيَقْرَأُ بَاطِنَهُ فَيُسَاءُ بِمَا فِيهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى آخِرِهَا قَرَأَ فِيهِ: هَذِهِ سَيِّئَاتُكَ، وَقَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَغَفَرْتُهَا لَكَ اليوم، ويغبطه الأشهاد، أو قال أهل الجمع، بما يقرأون فِي ظَاهِرِ كِتَابِهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَيَقُولُونَ: سَعِدَ هَذَا، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِتَحْوِيلِهِ وَقِرَاءَةِ مَا فِي ظاهره، فيحول الله مَا كَانَ فِي بَاطِنِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ حَسَنَاتٍ، وَيَقْرَأُ حَسَنَاتَهُ، حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخرها، ثم يقول: هذه حسناتك، وقد قبلتها، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَمْعِ:

{هَاؤُمُ اقْرءُوا كِتَابِيَهْ إنِّي ظَنَنْتُ أنِّي مُلاَق حِسَابِيَهْ} . [٩- الحاقة- ١٩- ٢٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>