فلا يصح الرهن فأما الأعيان المضمونة بعينها وهو أن يكون مضمونا بالمثل أو بالقيمة عند هلاكه مثل المغصوب وبدل الخلع والمهر وبدل الصلح عن دم العمد يصح الرهن بها؛ لأن الضمان متقرر، فإنه إن كان قائما وجب تسليمه، وإن كان هالكا تجب قيمته فكان رهنا بما هو مضمون فيصح.
قال:"والرهن بالدرك باطل والكفالة بالدرك جائزة" والفرق أن الرهن للاستيفاء ولا استيفاء قبل الوجوب، وإضافة التمليك إلى زمان في المستقبل لا تجوز أما الكفالة فلالتزام المطالبة، والتزام الأفعال يصح مضافا إلى المآل كما في الصوم والصلاة، ولهذا تصح الكفالة بما ذاب له على فلان ولا يصح الرهن، فلو قبضه قبل الوجوب فهلك عنده يهلك أمانة؛ لأنه لا عقد حيث وقع باطلا، بخلاف الرهن بالدين الموعود وهو أن يقول رهنتك هذا لتقرضني ألف درهم وهلك في يد المرتهن حيث يهلك بما سمى من المال بمقابلته؛ لأن الموعود جعل كالموجود باعتبار الحاجة، ولأنه مقبوض بجهة الرهن الذي يصح على اعتبار وجوده فيعطى له حكمه كالمقبوض على سوم الشراء فيضمنه.
قال:"ويصح الرهن برأس مال السلم وبثمن الصرف والمسلم فيه" وقال زفر: لا يجوز؛ لأن حكمه الاستيفاء، وهذا استبدال لعدم المجانسة، وباب الاستبدال فيها مسدود ولنا أن المجانسة ثابتة في المالية فيتحقق الاستيفاء من حيث المال وهو المضمون على ما مر.
قال:"والرهن بالمبيع باطل" لما بينا أنه غير مضمون بنفسه.
قال:"فإن هلك ذهب بغير شيء"؛ لأنه لا اعتبار للباطل فبقي قبضا بإذنه.
قال:"وإن هلك الرهن بثمن الصرف ورأس مال السلم في مجلس العقد تم الصرف والسلم وصار المرتهن مستوفيا لدينه حكما" لتحقق القبض حكما.
قال:"وإن افترقا قبل هلاك الرهن بطلا" لفوات القبض حقيقة وحكما.
قال:"وإن هلك الرهن بالمسلم فيه بطل السلم بهلاكه" ومعناه: أنه يصير مستوفيا للمسلم فيه فلم يبق السلم.
قال:"ولو تفاسخا السلم وبالمسلم فيه رهن يكون ذلك رهنا برأس المال حتى يحبسه"؛ لأنه بدله فصار كالمغصوب إذا هلك وبه رهن يكون رهنا بقيمته.
قال:"ولو هلك الرهن بعد التفاسخ يهلك بالطعام المسلم فيه"؛ لأنه رهنه به، وإن كان محبوسا بغيره كمن باع عبدا وسلم المبيع وأخذ بالثمن رهنا ثم تقايلا البيع له أن يحبسه