قال (باب تحريم بيع ما يكون نجسا لا يحل اكله) استدل البيهقى على ذلك بحديث (ان الله حرم عليهم الشحوم فباعوها واكلوا اثمانها ان الله إذا حرم على قوم اكل شئ حرم عليهم ثمنه) - قلت - عموم هذا الحديث متروك اتفاقا بجواز بيع الآدمى والحمار والسنور ونحوها وفى التجريد للقدورى الناس يتبايعون السرجين للزرع في سائر الازمان من غير نكير وقد كان يباع قبل الشافعي ولا نعلم احدا من الفقهاء منع بيعه قبله وفى (قواعد ابن رشد) اختلفوا في بيع الزيت النجس ونحوه بعد اتفاقهم على تحريم اكله فمنعه مالك والشافعي وجوزه أبو حنيفة وابن وهب إذا بين وروى عن ابن عباس وابن عمر انهم جوزوا بيعه ليستصبح به - وفى مذهب مالك جواز الاستصباح به وعمل الصابون مع تحريم بيعه واجازه الشافعي ايضا مع تحريم ثمنه وهذا كله ضعيف وقيل في (المذهب) رواية اخرى يمنع الاستصباح وهو الزم للاصل اعني تحريم البيع وفى (نوادر الفقهاء) لابن بنت نعيم اجمع الصحابة على جواز بيع زيت ونحوه تنجس بموت شئ فيه إذا بين ذلك وفى (التمهيد) وقال آخرون ينتفع بالزيت الذى تقع فيه الميتة بالبيع وبكل شئ ما عدا الاكل ويبيعه ويبين وممن قال ذلك أبو حنيفة واصحابه والليث بن سعد وروى عن أبى موسى الاشعري قال لا تأكلوه وبيعوه وبينوا لمن تبيعونه منه ولا تبيعوه من المسلمين - وذكر ابن وهب عن ابن لهيعة وحيوة ابن شريح عن خالد بن أبى عمران انه قال سألت القاسم وسالما عن الزيت تموت فيه الفارة هل يصلح ان يوكل منه فقالا لا قلت افنبيعه قالا نعم ثم كلوا ثمنه وبينوا لمن يشتريه ما وقع فيه ومن حجتهم ما ذكره عبد الواحد عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفارة تقع في السمن ان كان جامدا فالقوها وما حولها وان كان مائعا فاستصبحوا به وانتفعوا - قالو والبيع من باب الانتفاع وقالوا قوله في حديث عبد الرزاق وان كان مائعا فلا تقربوه - يحتمل ان يريد لا تقربوه بالاكل وقد اجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم التحريم في شحوم الميتة في كل وجه ومنع الانتفاع بشئ منها واباح في السمن تقع فيه الميتة الانتقاع به فدل على جواز سائر وجوه الانتفاع
غير الاكل والبيع من الانتفاع ومن جهة النظر شحوم الميتة محرمة العين والذات والزيت تقع فيه الميتة انما تنجس بالمجاورة وذلك بيعه جائز كثوب تنجس بدم أو غيره وفرقوا بينه وبين امهات الاولاد بحرمة هبتهن والصدقة بهن وجوازهما في الزيت النجس وما جاز تملكه جاز بيعه وقوله إذا حرم اكل شئ حرم ثمنه - خرج على شحوم الميتة التى حرم اكلها والانتقاع بشئ منها وكذا الخمر أي إذا حرم اكل شئ ولم يبح الانتقاع به حرم ثمنه ولم يعن (١) - ما ابيح الانتقاع به بدليل اجماعهم على بيع الهر والفهود والسباع المتخذة للصيد والحمر الاهلية وقال ابن حزم وممن اجاز بيع المائع