مسألة: في كتب الأحناف: إن تكبير الركوع في ثانية العيد واجب بخلاف سائر الصلاة فإنه سنة فيها، ولو ترك التكبير في ثانية العيد تلزم سجدة السهو، ثم قالوا: إن لزمته سجدة السهو لا يسجد له مخافة اختلاط القوم، وأما الأدلة في مسألة الباب فلهم حديث الباب، وفي سنده كثير بن عبد الله، وهو متكلم فيه، وحسّنه الترمذي والبخاري وابن خزيمة، وجرحه أحمد بن حنبل، وقال الحافظ أبو الخطاب بن دحية المغربي: إن أقبح الأحاديث التي أخرجها الترمذي وحسنها رواية كثير بن عبد الله في تكبيرات العيدين، وأما ابن دحية فتكلم فيه، فقيل: إنه وضّاع، ولكني لا أسلمه، نعم إنه رجل غير مبال، وقيل: إن سلطان عصره قال له مختبراً إياه: صنفْ التخريج على كتاب شهاب القضاعي، فشرحه ابن دحية، ثم قال السلطان: إني فقدته، وصنفْ كتاباً آخر على الشهاب القضاعي فصنف كتاباً، وكان بين كتابيه تفاوت بعيد وتخالف، فعلم السلطان أنه غير مبال فعزله عن الدرس، وأيضاً لابن دحية كتاب (التنوير في مولد البشير والنذير) لإثبات المولود الذي شاع في هذا العصر وأحدثه صوفي في عهد سلطان إربل سنة (٦٠٠) ، ولم يكن له أصل من الشريعة الغراء، ولم يكن التصنيف في هذه البدعة يليق بشأن الحفاظ والمحدثين.
وللشوافع حديث آخر أخرجه أبو داود ص (١٧١) عن عبد الله بن عمرو بن العاص بسند قوي وصححه البخاري، كما نقل الترمذي في العلل الكبرى: سألت البخاري عن مختاره في تكبيرات العيدين فاختار اثنتي عشر تكبيرة بناءً على ما روى عبد الله بن عمرو بن العاص.
وأما أدلتنا: فمنها ما في سنن أبي داود ص (١٧٠) عن أبي موسى الأشعري، وقال:(كان يكبر أربع تكبيرات) وضم بها تكبيرة التحريمة الأولى، وتكبيرة الركوع في الثانية، والحديث قوي مرفوع، وفيه أبو عائشة، وقيل: إنه مجهول الحال، ولكنه خطأ، والحق إنه ثقة، وهو والد محمد بن أبي عائشة موسى بن أبي عائشة، وأعلى ما في الباب لنا ما هو من إجماعيات عمر رواه إبراهيم النخعي مرسلاً بسند قوي في معاني الآثار ص (٢٨٦) ، ويفيدنا ـ أي الأئمة الأربعة ـ في تكبيرات الجنازة أيضاً، ولنا حديث آخر قولي قوي ما تمسك به أحد من أصحابنا، ويفيدنا في تكبيرات العيدين والجنازة، أخرجه في معاني الآثار ص (٤٠٠) ج (٢) عن بعض أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ورجال الحديث كلهم معروفون إلا وضين بن عطاء، ووثقه الحافظ، فإنه أخرج من الطحاوي رواية تدل على التسليمتين في الوتر، وفي سنده وضين بن عطاء ووثقه الحافظ كما مر في الوتر آخر استدلال الحفاظ.
وأما اثنتا عشر تكبيرة فجائزة عندنا، فإن في النهاية: إن أبا يوسف أتى بها حين أمره هارون الرشيد، ولا يتوهم أنه كان من أولي الأمر، فإنه لو كان غير جائز عنده كيف اتبعه وإن كان والي الأمر؟ فلا بد من أن يقال: إنه قائل بجوازها، وأيضاً في الهدآية: {لو زاد الإمام التكبيرات على الستة