[٦٩٢] في بيان شرح حديث الباب أقوال، قال أحمد بن حنبل: إن مراده أنه لا يجتمع كون شهر رمضان وشهر ذي الحجة تسعة وعشرين يوماً في كليهما، بل إن كان أحدهما تسعة وعشرين يكون الآخر ثلاثين يوماً، وقال الطحاوي: إني قد شاهدت أنه كان رمضان تسعة وعشرين يوماً وكذلك ذو الحجة، وقال إسحاق والبخاري: إن شهرا عيد لا ينقصان في الأجر وإن كان أحدهما أو كلاهما تسعة وعشرين يوماً أقول: يرد على هذا أن شهر ذي الحجة أيام عبادتها المقررة فيها تنتهي إلى ثلاثة عشر يوماً، فكيف يصدق على أن أجر ذي الحجة لا ينقص وإن كان تسعة وعشرين يوماً؟ اللهم إلا أن يقال: إن بعض السلف رحمهم الله ذاهب إلى أن الأضحية تجوز إلى آخر ذي الحجة، وقال السيوطي: إن الحديث يتعرض إلى الباطن لا إلى الظاهر، وقال: اتفق الحساب على أن الأشهر الواقعة في مرتبة الأوتار تكون تسعة وعشرين يوماً، والواقعة في مرتبة الأشفاع تكون ثلاثين يوماً، وإن لم نشاهد القمر بالأعين فالحديث تعرض إلى الواقع لا المشاهد بالأعين. وأطنب السيوطي أقول: كيف يقال بهذا والحال أن مراد الحساب أن القول المذكور مجرد اصطلاحهم لبناء الكبيسة عليه وليس مرادهم بيان الواقع؟ ثم علم من الكتب أن ستة أشهر من السنة تكون تسعة وعشرين يوماً، وستة منها تكون ثلاثين يوماً ولا يجب التوالي والترتيب إلى أن يكون أحدها تسعة وعشرين والآخر ثلاثين، وهكذا بل ستة من المجموعة بكذا وستة بكذا، وأخذت هذا القول من كتب الحنابلة كما في غايته الحنبلية:
~ لا يتوالى النقص في أكثر من ... ثلاثة من الشهور يا فطن
~ كذا توالى خمسة مكمله ... هذا الصواب وما سواه أبطله
أي يمكن توالي ثلاثة أشهر تسعة وعشرين يوماً وكذلك يمكن شهر ثلاثين يوماً، وهل يمكن أن يكون مراد الحديث أنهما لا ينقصان أجراً؟ وأما صدقه على ذي الحجة فإن في نص الحديث أن عشر أيام ذي الحجة أفضل من السنة كلها، والحال أن صوم يوم العاشر مكروه تحريمي، فالمراد أن صوم يوم العاشر إنما هو إلى الضحى فإن الإمساك إلى الضحى ثابت بالحديث وليس مني إلا التسمية فيقول حديث الباب إن صيام عشرة ذي الحجة ليست إلا تسعة أيام وبعض العاشر لكن بعض العاشر الناقص أيضاً تام أجراً، هذا والله أعلم وعلمه أتم.