[٧١٠] قال الأئمة الأربعة: إن الأفضل في السفر الصوم ويجوز الإفطار، وقال داود الظاهري: إن صوم رمضان في السفر باطل ويشير بعض الأحاديث إلى ما قال أي أن يكون الأصوب الإفطار، ولكن الأربعة حملوها على حال الجهد والمشقة، واعلم أن هاهنا مسألتين: أحدهما ما قال به أبو حنيفة وهو أنه: لا يجوز للمسافر إفطار صوم يوم خروج من بيته، وثانيتهما ما قال به الأكثرون وأبو حنيفة وهو أنه: لو نوى الصوم في السفر لا يجوز له الإفطار في ذلك اليوم، وحديث الباب يرد على ما قال أبو حنيفة، وهو ما أجاب أحد من الأحناف عن حديث الباب فأقول: إن في التاتار خانية تصريح أن الغزاة يجوز لهم الإفطار، وكذلك في غير كتاب لنا، فإذن نقول: إن الإفطار في واقعة الباب جائز لأنهم كانوا غزاة كما تدل الروايات، منها ما في الترمذي ص (٢٠٢) فلما بلغ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مر الظهران فآذننا بلقاء العدو فأمرنا بالفطر إلخ.
وواقعة الباب واقعة السنة الثامنة بعد الهجرة، وقال علماء السِّير: إنها وقعت في سابع عشرة من رمضان، ومستدل داودَ الظاهري حديث:«ليس من البر الصيام في السفر» إلخ، وفي صحيح ابن حبان:«ليس من امبر الصيام في امسفرو» وأجابوا عن حديثه، نعم ذكروا وجه قوله: أن رجلاً صام في السفر فشق عليه فقام عليه الناس بالظل فرآه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكروا قصتة فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس من» إلخ، فمدار جوابهم على أن تقديم الجار والمجرور يفيد الحصر فورد النفي على هذا الحصر، فمعنى قوله عليه الصلاة والسلام أن الصوم في السفر لا ينحصر في البر بل قد يكون لعدم ترخص برخص الله أيضاً، لكن ظاهر الحديث يشير إلى عدم الصوم في السفر وقال ابن تيمية في فتاواه إن الحديث لا يدل على عدم جوازه في السفر لأن نفي البر لا يوجب عدم الجوازظ، ولكني لست أحصله فإنه انتفى البر فما بقي شيء والله أعلم.