[٧٩٨] المشهور أن هذه الآية كانت في حق رمضان ثم نسخت، وتمسكوا بحديث الباب وهو حديث الصحيحين ولكنه أثر سلمة بن أكوع، وقال بعض المفسرين: إن الآية محكمة، ويقولون بتقدير «لا» أي «لا يطيقونه» إلخ، ولكني لا أقبل تقدير «لا» فإن مثل هذا التقدير لا أصل له ولا ضابطة، وضابطة تقديرها أن يكون مثبتاً ولم تكن فيه طلائع جواب القسم من التأكيد وغيره كما قالوا في:
لله يبقى على الأيام ذو حيد
أي لا يبقى، وعندي لا احتياج إلى تقدير «لا» في هذا بل يذكر المثبت أي سياق القسم ويراد به المنفي بصورة الإنكار، وأما منشأ ما قال أوساط المفسرين من تقدير «لا» فهو قول بعض المفسرين: إن في الطاقة مشقة وكلفة ما يطيقه معتبرة، يعني: لا يطلق لفظ الطاقة إلا فيما يكون شاقاً فيكون مراد الآية: أن الفدية على من يطيق الصوم لكنه بمشقة وحمل كلفة فما أدركوا كلام ذلك البعض، وقالوا بتقدير «لا» في الآية، وأما المفسرون الذين يُعتمد عليهم فيقولون: إن الآية على ظاهرها وإنما هي واردة في حق صوم البيض وعاشوراء وكان فيه خيرة بين الفدية والصوم لمن يقدر أيضاً على الصوم ثم نسخ فرضية هذا الصوم وفرض رمضان، وأقول: إن حق المراد هو هذا، أي هذه الآية كانت في البيض وعاشوراء لا في رمضان، وأيضاً لوقلنا: إنها في رمضان يلزم التكرار في الآية وأشكل التكرار على أهل المقالة الأولى، وأيضاً ألفاظ القرآن تشير إلى ما قلت فإن الأيام المعدودات المذكورة في الآية تصدق على الأيام البيض فإن المعدودات تكون بمعنى البضع، ولأن أياماً جمع قلة وغير معرَّف باللام فلا يصدق على صوم الشهر، وأما حال رمضان في القرآن ففي آية:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}[البقرة: ١٨٥] إلخ، ويفيد حديث أبي داود ص (٨٣) عن معاذ أهل المقالة الثانية، فإن فيه تصريح أن {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَه}[البقرة: ١٨٤
] إلخ في الأيام البيض بأن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ويصوم صوم عاشوراء فأنزل الله:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}[البقرة: ١٨٣] إلخ، ثم أقول: إن حديث سلمة ومعاذ موقوف، ومعاذ أعلم من سلمة فيكون الترجيح له على سلمة بن أكوع، وإن قيل: إن حديث سلمة حديث الصحيحين وحديث معاذ حديث السنن، قلت: لا ينبغي الجمود على هذا بعد صحة