للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفاروق فقد تلقاه الأمة بالقبول واستقر أمر التراويح في السنة الثانية في عهد عمر كما في تاريخ الخلفاء وتاريخ ابن أثير وطبقات ابن سعد، وفي طبقات ابن سعد زيادة أنه كتب عمر في بلاد الإسلام: أن يصلوا التراويح، وقال ابن همام: إن ثمانية ركعات سنة مؤكدة وثنتي عشر ركعة مستحبة، وما قال بهذا أحد، أقول: إن سنة الخلفاء الراشدين أيضاً تكون سنة الشريعة لما في الأصول أن السنة سنة الخلفاء وسنته، وقد صح في الحديث: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين» فيكون فعل الفاروق الأعظم أيضاً سنة، ثم قيل: إن شروع التراويح أول الليل من سنة عمر، وأقول: إنه من سنة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما يدل حديث الباب وحديث عائشة وجابر وزيد، ثم هل يجب بلوغ عشرين ركعة إلى صاحب الشريعة أم يكفي فعل عمر ولا يطلب رفعه إلى صاحب الشريعة؟ ففي التاتار خانية: سأل أبو يوسف أبا حنيفة: أن إعلان عمر بعشرين ركعة هل كان له عهد منه؟ قال أبو حنيفة ما كان عمر مبتدعاً، أي لعله يكون له عهد فدل على أن عشرين ركعة لا بد من أن يكون لها أصل منه وإن لم يبلغنا بالإسناد القوي، وعندي أنه يمكن أن يكون عمر نقل عشراً إلى عشرين بتخفيف القراءة وتضعيف الركعات، وليعلم أن التراويح في عهد عمر تروى بخمس صفات، أربعة منها ثابتة بالأسانيد القوية، منها أنه صلى إحدى عشرة ركعة، ومنها أنه صلى ثلاث عشرة ركعة، ومنها إحدى وعشرين ركعة، ومنها ثلاث وعشرون ركعة، وأما إحدى وأربعون ركعة فسيجيء الكلام فيه، وأما الأولى والثانية والرابعة فمذكورة في موطأ مالك ص (٤٠) ، واستقر الأمر على عشرين ركعة، ثم الصفة الأولى ففيها تكون التراويح ثمان ركعات وثلاث ركعات الوتر، وفي الثانية عشر ركعات تراويح وثلاث ركعات الوتر، وأما الصفة الثالثة فظاهرها يضرنا في مسألة الوتر بأنها تشير إلى أن الوتر ركعة، فأقول: لعل التراويح فيها كانت

ثماني عشرة ركعة لثبوت الوتر عن الفاروق ثلاث ركعات بتسليمة واحدة، ويؤيد ما قلت ما في قيام الليل لمحمد بن نصر: أن معاذ بن الحارث القارئ صلى ثمانية عشر شفعاً، وزعم الناس أنه صلى ستة وثلاثين ركعة وزعموا أن شفعاً تمييز، وأقول: إنه حال لا تميز، وأنه صلى ثمانية عشر ركعة شفعاً شفعاً، وفي البخاري وموطأ مالك؛ قال عمر: والتي تنامون عنها خير مما تقومون إلخ، وكذلك في موطأ مالك: نعم البدعة هذه إلخ، فقال الحافظ: إن مراد عمر أن الأفضل التراويح آخر الليل، وأقول: إنه كان يصلي التراويح أول الليل، نعم أطالها أحياناً إلى آخر الليل حتى خافوا الفلاح؛ أي السحر، فإذن قول عمر يخالف فعله في الصحيحين، وقال الطيبي شارح المشكاة: إن قول عمر عمل به أهل مكة، أي كانوا يصلون التراويح آخر الليل، وأقول: إن مراد قول عمر إنكم اخترتم النوم آخر الليل ولو كنتم أطلتم التراويح إلى آخر الليل لكان أولى وأفضل، ويشرعون من أول الليل ولا كلفة في هذا الشرح أصلاً، ولا يتوهم أن مراد عمر أن يأتوا بالتهجد أيضاً فإنه لم يثبت عنه، ولا عن الصحابة جمعهم بين التراويح والتهجد، وأما ما في موطأ مالك: «أن عمر كان يصلي التراويح آخر الليل» فمراده أنه إذا لم يصل مع الجماعة أول الليل، ذا والله أعلم. وأما ما في بعض الروايات

<<  <  ج: ص:  >  >>