للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وهو غير محرم إلخ) مرور أبي قتادة عن الميقات بلا إحرام وارد على الأحناف، ونقول: إنه وارد على الشافعية أيضاً، وأما قولهم من أن واقعة أبي قتادة واقعة لم تكن المواقيت إذ ذاك معينة فيرد عليه ما في البخاري في الموضعين إحرامه من ذي الحليفة في عمرة الحديبية، وأما الجواب من الأحناف فهو أن محمداً صرّح في موطئه أن المدني يجوز له التجاوز من ذي الحليفة بلا إحرام ويحرم من جحفة وليس هذا قول الشافعية، وفي الروايات: أنه أرسل أبا قتادة إلى سيف البحر للتجسس أو لتحصيل الصدقات، وأراد أبو قتادة أن يلحقه في الطريق ورافقه بعض الصحابة فصال على حمار وحش وهو حلال وكان رفقاؤه محرمين فأكل بعضهم صيده ولم يأكله بعضهم، ثم سألوا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أكلهم فأجاز لهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسألهم عن إشارتهم ودلالتهم كما في الروايات، ولم يرد سؤاله عن نيته لهم مع أنه كان ضرورياً محتاجاً إليه عند الحجازيين، فترك الاستفصال في وقائع الأحوال ينزل منزلة عموم المقال، فواقعة أبي قتادة دليل العراقيين، ولينظر إلى ألفاظ مسلم أيضاً فإن فيه: «أن أبا قتادة لم ير الحمار الوحشي بل رآه أصحابه فجعلوا يضحك بعضهم إلى بعض» إلخ، وكان ضحكهم على أنهم محرمون ولا يجوز لهم الاصطياد فلما رأى أبو قتادة ضحكهم فهم الكلام فصاد الحمار، وفي بعض ألفاظ مسلم: «فجعلوا يضحك بعضهم إليّ» وهذا اللفظ يشير إلى حثهم إياه على صيده وذهاب أبي قتادة لأجلهم، وقال القاضي عياض: إن في لفظ يضحك بعضهم إلي سقطاً والأصل بعضهم إلى بعض، ثم يبحث في ضحكهم هل هو داخل في الإعانة أو خارج منه، فإني لم أجد تصريح أن هذا إعانة أو لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>