للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

~ لم تدر ما جزع عليك فتجزع ...

وفي حديث الباب الوجه الثالث في الرفع، وفي الرواية لم يثبت إلا الرفع، وذكر النووي الرفع والنصب والجزم، وذكر شيئاً عن شيخه ابن مالك صاحب الألفية مع أن المروي الرفع فقط، وزعم البعض في حديث الباب الوجه الأول للرفع، وزعم أن الغرض نفي كليهما، واشتبه عليه الأمر، وزعم أنه منهي عن الجمع ويجوز أحد الأمرين، وقال: يجوز البول في الماء الراكد، وليس كذلك فإنه نفي الأول والثاني أولاً وثانياً لا نفي الجمع، وقال الطيبي في شرح المشكاة: إنّ (ثم يتوضأ) موقع الاستبعاد وهذا عندي لطيف شرحاً والعجب من نقل الحافظ عبارة القرطبي: شارح مسلم ثم الرد عليه، قال القرطبي: إنه إشارة إلى كمال الحال مثل حديث «لا يضرب أحدكم زوجته ضرب العبد ثم يضاجعها» فالنهي عن الأول والثاني موقع الاستبعاد.

حديث الباب حجة لنا، وأجاب ابن التيمية: مختار مذهب مالك بن أنس بأن الغرض النهي عن الاعتياد فإن الماء لا ينجس إلا بعد التغير، ولا ينجس في الحالة الراهنة وأتى بالنظائر منها نهى الشارع عن البول تحت الظّل وفي الشارع العام والمورد، فإن الغرض ثمة النهي عن الاعتياد، أقول: إنه من رأيه رآه، فإن في حديث الباب: «ثم يتوضأ منه» ، والمتبادر منه أنه يحتاج إلى التوضئ في الحالة الراهنة، وكذلك تدل طرق الحديث منها ما في معاني الآثار ص (٨) عن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة يغتسل منه ويشرب الخ، أخرجه البيهقي ومالك في مدونته، فإن العاقل يزعم أن الشرب في الحالة الراهنة لا بعد زمان كثير وتغيير الماء، وكذلك تدل فتوى أبي هريرة وهو راوي الحديث، أخرجه في معاني الآثار ص (١٠) : سئل عن رجل يمر على غدير أيبول فيه؟ قال: (لا، لعله أخوه المسلم يمر عليه فيغتسل منه أو يشرب) على أن المنع باعتبار التوضئ في الحالة الراهنة، قال ابن التيمية في موضع آخر: إن البول مائع وإذا اختلط بالماء فلا يتميز، فالنجاسة بسبب الاختلاط فلا يتعدى الحكم إلى الخثي والروثة اليابسة، فإنها إذا وقعت في الماء فلا يتنجس الماء إذا لم يختلط، وروي عن أحمد بن حنبل الفرق بين النجاسة الرطبة واليابسة أقول: إن مُدَّعانا أيضاً إثبات نجاسة الماء كما اعترفت، وأما القول بأن النجاسة بسبب الاختلاط وبالعرض وإلا فالماء طاهر والنجاسة المختلطة هي النجسة فتفلسف وأدلتنا في في مسألة المياه حديث المستيقظ من النوم، وحديث ولوغ الكلب، وحديث، الباب، وفي الثلاثة الأنجاس مما من أفعالنا واختيارنا، ونعلمها قطعاً، وفي الثلاثة الأنجاس غير مرئية، ولم يذكر الأنجاس المرئية فإن حكم النجاسة المرئية كافٍ في الحكم فإنا نحكم بنجاسة الماء إلى موضع سرى إليه أثر النجاسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>