للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (احلق فلا حرج إلخ) واعلم أن في يوم النحر أربعة نسك، رمي ونحر وحلق وطواف على ترتيب ما ذكرت، والترتيب في الثلاثة الأول هذا واجب والأسولة المذكورة في الأحاديث في سوء الترتيب سبعة، وأما الفروع الفقهية فكثيرة، ثم مذهب الشافعي وصاحبي أبي حنيفة عدم الجزاء في سوء الترتيب وتمسكوا بحديث الباب، وعند أحمد لو أساء الترتيب عمداً فجزاء، وإن كان سهواً فلا جزاء، وعند أبي حنيفة جزاء بلا فرق عمد وسهو، وعند مالك أيضاً أجزاء في بعض الجزئيات كما يدل مُوطَؤُه ص (١٥٨) ، ثم الطواف فلا شيء في تقديمه أو تأخيره فإنه عبادة في كل حال، وأما الثلاثة الباقية فالنحر لازم على القارن والمتمتع فيكون ترتيبه واجباً في حقهما، وأما المفرد بالحج فالنحر ليس بواجب في حقه ولم يبق في حقه وجوب الترتيب إلا في الرمي وأما الصور الواردة في الأحاديث في سوء الترتيب فسبعة وليس فيها ذكر أن السائل كان قارناً أو متمتعاً أو مفرداً فلو حملناها على المفرد لا تكون الجناية فيها عند أبي حنيفة إلا في صورة فإنها لا مناص فيها من الجناية وجزائها، وإن حملت على المفرد أيضاً لأنها مشتملة على سوء الترتيب في الحلق فعلينا جوابها فنقول: قد بوب الطحاوي ص (٤٤٤) على المسألة لأبي حنيفة، وقال ابن عباس راوي حديث المرفوع: (لا حرج) . وفتواه بإهراق الدم والجزاء فيكون مراد الحديث المرفوع: (لا حرج) إلخ، نفي الحرج في أحكام الآخرة، أي نفي الإثم مع وجوب الجزاء، ومر الحافظ على فتوى ابن عباس فأعلَّها في موضع، وسكت في موضع، وأقول: إن فتواه قوية السند بلا ريب، ثم أتى الطحاوي بقرائن أن النفي في (لا حرج) نفي الإثم بأنه لما كثر عليه تساؤل الناس جلس وقال: «إنما الحرج في تعرض عرض الأخ المسلم» كما في معاني الآثار (٤٤٤) وأبي داود، وأشار الطحاوي إلى الجواب في موضع آخر حيث قال: إن الشريعة الغراء إذا أجازت عمل شيء في الصلاة

لا يجعل ذلك العمل مفسد الصلاة ومضراً لها بخلاف الحج فإن الشيء ربما يكون مجازاً في الحج ومع ذلك يكون ذلك العمل مضراً للحج في أحكام الدنيا لا في أحكام الآخرة، مثل أن نص القرآن أجاز الحلق لعذر للمحرم وأوجب عليه الجزاء لآية من كان به أذى إلخ، وكذلك المحصر يجب عليه القضاء عاماً مقبلاً مع أن الخروج عن الإحرام مجاز له وكلام الطحاوي هذا قوي في الجواب فحاصل الجواب أن لفظ لا حرج لا ينفي الجزاء بل الإثم، وأما نفي الإثم فلأن السائلين كانوا غير عالمين بالمسألة كما صرحوا في أسولتهم، و (إني لم أشعر) كما ذكره ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام.

<<  <  ج: ص:  >  >>