للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثالث طواف الوداع، فمراد حديث الباب أنه طاف طوافاً الذي يجزئ عن النسكين الحج والعمرة، وأما على مذهبنا فنقول: إن الأول للعمرة ودخل فيه طواف القدوم، والثاني للزيارة، والثالث للوداع، ولكني ما وجدت أحداً قال بإدراج طواف القدوم في طواف العمرة، إلا أنهم قالوا: إنه لو ترك طواف القدوم لا شيء عليه لأنه ترك سنة، وفي عبارة في معاني الآثار أنه لم يطف طواف القدوم، أقول: إن أحسن ما يجاب عن الحديث الوارد علينا ما ذكره مولانا مد ظله العالي أن المراد أنه طاف لهما طوافاً واحداً أنه طاف للإحلال عن الحج والعمرة واحداً وهكذا المسألة عندنا أي الإحرام والإحلال للقارن واحد عن النسكين، ويشير إلى ما قال مولانا دام ظله العالي حديث ابن عمر الآتي: «حتى يحل منهما» إلخ، وفي سنده عبد العزيز بن محمد الدراوردي وهو من رواة مسلم وقال الأكثرون: إنه من رواة معلقات البخاري أقول: وفي ص (٧٣٧) ، ج (٢) من كتاب التفسير مرفوعاً أخرج له موصولاً في أبواب الجمعة في موضع واحد فاكتفى على جواب مولانا، ولا أذكر جواب غيره لقلة الجدوى فيه.

وهاهنا دقيقة: وهو أن رواية جابر موقوفة فإنه وإن رضي فعله لكنه يروي ما خرّج بنفسه من فعله، وأما ابن عمر فحديثه قولي مرفوع فإذاً صار حديث جابر موقوفاً، فلنا أيضاً موقوفات منها ما أخرجه في معاني الآثار ص (٤٠٦) ، ج (١) . بأسانيد قوية عن ابن مسعود ومجاهد وعلي وفيه: القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين، وفي بعض الأسانيد حجاج وهو الأعور لا ابن أرطاة، ومر الحافظ على ما في الطحاوي وقال: إن الآثار صالحة للاحتجاج إذا ضم بعضها إلى بعض وقال: أمثلها ما فيه عبد الرحمن بن أذينة، وأقول: أمثلها ما فيه أبو نصر السلمي، وقال البيهقي: إن أبا نصر مجهول وأخذه الحافظ في اللسان العرب ونقل توثيقه من العجلي، وأما أنا فوجدته في طبقات ابن سعد وأنه من أصحاب علي فالحاصل أن ما فيه أبا نصر أعلى مما فيه ابن أذينة، واختلفوا في تعدد سعيه، وقال الشاه ولي الله رحمه الله في شرح الموطأ بما حاصله: إن اختلاف الصحابة في طوافه في التخريج وما اختلفوا فيما شاهدوه بأعينهم من أفعاله، وعُدّ من هذه الأفعال السعي أيضاً، وقال: لم يثبت تعدد سعيه أصلاً لرواية جابر، أقول: لا بد من سعي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنه كان قارناً على مختارنا، فأخرج الزيلعي روايتين لتعدد السعي إلا أنهما ضعيفتان وفي سند أحدهما رجل ما حسنه أحد إلا ابن حبان، ثم تصدى ابن الهمام فحسن الرواية ومر القسطلاني على ما في فتح القدير، وقال: إن الاستدلال في مقابلة الصحيحين بما ليس على رسمهما خارج من الإنصاف، وأما إثبات تعدد السعي فأول من أتى به هو القاضي ثناء الله رحمه الله في منار الأحكام وذكر بعض كلامه في التفسير المظهري، وتمسك على التعدد بوجه صحيح، وقال: وإن لم يصرح أحد بتعدد السعي ولكنه لازم وطريق لزومه أن في بعض الروايات ذكر سعيه راكباً وفي بعضها

<<  <  ج: ص:  >  >>