مسلم ص (٤١١) : أراني قد رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«صفه لي» قال: قلت رأيته عند المروة على ناقة وكثر عليه الناس. . إلخ، وهذه الواقعة واقعة حجة الوداع، لأن كثرة الناس فيها، ومصداق ما في أبي داود وما في مسلم واحد هذا ما وفق لي، والكلام أطول منه.
وأما أدلة الشافعية وجوابها من جانبنا فأقول: لا أتعرض إلى كل لفظ لفظ، بل أذكر أجوبة يجري كل واحد منها في نوعها من الذي يقربه في ألفاظ الحديث، فمنها ما أخرجه مسلم في صحيحه ص (٤١٤) عن جابر، لم يطف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا أصحابه إلا طوافاً واحداً بين الصفا والمروة. . إلخ، قال النووي: إنه دليلنا على وحدة السعي، أقول: العجب من النووي أنه تصدى للاستدلال على وحدة السعي للقارن قبل أن يستقيم الحديث على مذهبه؛ فإن المتمتع يجب عليه السعيان اتفاقاً إلا في رواية عن أحمد. وقد ثبت أن الصحابة كانوا أكثرهم متمتعين، وفي مسلم منهم مفرد ومنهم متمتع ومنهم قارن، وقالوا: إن القارن هو النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والخلفاء الأربعة وطلحة والزبير فإذن لا يصدق حديث مسلم إلا على أقل من الحجاج على شرح النووي، وأقول في شرح حديث مسلم: فقد سنح لي قبل ثم وجدت إليه إشارة خفية من الطحاوي، والمراد أن السعي الواحد لنسك واحد كاف وهذا من المتفق عليه، فمراد حديث جابر وما يضاهيه أن السعي الواحد لنسك واحد كاف، ومنها ما في البخاري فعل ابن عمر: أنه حج في فتنة الحجاج المبير ودخل ابن عمر مكة وطاف طوافاً واحداً ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول إلخ، ومر عليه الحافظ ولم يأت بشاف فإنه غير مستقيم على مذهبهم أيضاً وشرحه على مذهب أبي حنيفة أنه طاف طواف العمرة وأدرج فيه طواف القدوم للحج لا طواف الزيارة، ومما يرد علينا ما في أبي داود ص (٢٥٦) عن جابر ما يدل على وحدة سعي المتمتعين في حجة الوداع فإن فيه: وطافوا بالبيت ولم يطوفوا بين الصفا والمروة. . إلخ باب إفراد الحج، وأخرجه الطحاوي أيضاً ولا يستقيم هذا الحديث إلا على رواية عن أحمد فتمسك ابن قيم على وحدة السعي للمتمتع بذاك الحديث أقول: كيف يتمسك بما في أبي داود والحال أنه يخالف صريحاً حديث البخاري ص (
٢١٣) عن ابن عباس؟ ورواية البخاري تفيدنا في أن إشارة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام إلى القران والتمتع فإذن إما أن يسقط ما في أبي داود لخلافه حديث البخاري أو يتأول فيه بأن مراد ما في أبي داود أن بعض الصحابة سعوا سعياً واحداً كلهم، ومما يرد علينا ما أخرجه مسلم ص (٣٨٦) عن عائشة: وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً إلخ، وتمسك الشافعية بذلك على الطواف الواحد للقارن، وأما شرحنا في حديث عائشة