[١١٠١] مذهب الشافعي وأحمد ومالك أن النكاح لا يصح بعبارات النساء وإن أظهر الولي رضاءه مائة مرة بل يجب عبارة الرجال، وقال أبو حنيفة: يصح النكاح بعبارة النسوان أيضاً، وقد يصح النكاح بدون إذن الولى أيضاً، وقال صاحباه: لا يجب عبارة النسوان ويجب إذن الولي وبدونه باطل، وتمسك الحجازيون بحديث الباب:«لا نكاح إلا بولي» ، أقول: لا يصح التمسك بهذا ولا تعلق له بمرادهم أيضاً، وإنما أخذوا المسألة من عرف الناس وتعرضوا إلى إثباتها بالمرفوعات ولا تعلق لحديث أبي موسى وحديث عائشة بمراد الحجازيين أصلاً كما سيظهر عن قريب، وأقول: أولاً إن حديث الباب مختلف في الوصل والإرسال، ورجح الطحاوي الثاني، ولكن المحدثين أقروا بأن الحديث حجة إسناداً وحديث أبي موسى رواه أبو حنيفة أيضاً كما في مسانيده وفي مستدرك الحاكم، فعلم أن الحديث بلغ أبا حنيفة ولا يتفوه بأنه لعله لم يبلغه الحديث، فأتعرض إلى متن الحديث فأقول: إنه لا يدل على ما ادعاه الحجازيون أصلاً، بل يدل على أنه لا بد من إذن الولي، وهذا مذهب أبي يوسف ومحمد، ويدل صراحة على أن الغرض في حديث الباب إذن الولي حديث عائشة الآتي:«أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها» إلخ، وتعرض الأحناف إلى جواب حديث عائشة وأبي موسى فقال الشيخ ابن همام بقول الموجب بأنا نقول: إنه لا نكاح إلا بولي، لكن الولي أعم من أن يكون غير المولية كما في الصغيرة، أو يكون نفس المولية كما في الكبيرة، أقول: ألفاظ الحديث يدل على أن المولية غير الولي، وقيل: إن كون إذن الولي لا بد منه صادق عندنا أيضاً، فإن إذن الولي واجب في بعض الصور ومستحب في بعض الصور، وما من صورة لا يستحب فيها إذن الولي، وقيل: إن النفي نفي كمال، وإني لا أقول بنفي الكمال في اللفظ بل في مصداق اللفظ، أي تنزيل الناقص منزلة المعدوم، فإذا ثبت أن الحديث يدل على إذن الولي فينظر الفقيه إن أذن
الولي هل لكون إذنه حق الولي ولا حق له وإذنه إنما هو نظراً إليها، فزعم الشافعية ومن تبعهم أن استئذان الولي لكونه حقاً له، وقلنا: إنه نظراً للمولية لتحصيل النفقة والكفاءة والمهر كما في موطأ محمد ص (٢٤٩) ، فأما أبو حنيفة فقال: إذا وضعت نفسها في كفاءة ولم تقصر في نفسها في الصداق والنكاح جائز إلخ، وجعل محمد أثر الفاروق الأعظم حجة أبي حنيفة، ثم إن قيل: إن تخصيص الحديث العام بالرأي وقصره على غرض خاص ابتداء غير جائز. قلت: أولاً: إن تخصيص النص بالرأي جائز إذا كان الوجه جلياً كما قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام، ولذا تجد أكثر أحاديث الأخلاق تخصص بالرأي، والوجه أن الوجه فيها يكون جلياً، وأقول ثانياً: إن التخصيص ليس بالرأي بل بالنص كما سأذكر مستدلاتنا التي