للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١١٧٧] يحتمل أن يكون هذا حكاية طلاقه بلفظ (ألبتة) أو حكاية الطلاق ثلاثاً، وقال أبو حنيفة: يصح نية الواحدة البائنة والثلاث في ألبتة، وقال الشافعي: يصح نية الثنتين أيضاً، وأما الواقعة ففي أكثر الطرق أنه طلق بلفظ ألبتة، وفي بعضها أنه طلق ثلاثاً كما في أبي داود ص (٢٩٨) ، ص (٣٠٦) باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث رواه ابن جريج، ورجح المحدثون أنه طلق بألبتة، أقول: إن كان طلق ثلاثاً فأمره بالمراجعة فيحمل على جزئية في كتب الشافعية والحنفية كما في الدر المختار ص (١٣٩) أنه لو أراد التأكيد لا التأسيس يصدق ديانةً وكان سؤاله لعلم أنه أراد الواحدة أو الثلاث، وأما لو كان طلق بألبتة فيشكل الأمر على الحنفي، فإنه يقول: إن الكنايات بوائن، وقال الشافعي: إنها رواجح، فأمره بالمراجعة عندنا مشكل فنحمل المراجعة على المراجعة حساً أي بنكاح جديد.

واعلم أن مسألة الديانة يفتي بها المفتي، ومسألة القضاء يحكم بها القاضي، ولا يجوز للمفتي الحكم بمسألة القضاء ولا للقاضي الحكم بمسألة الديانة، ثم الافتاء الذي جرى في زماننا فإنهم يفتون كأنهم قضاة غير جائز لهم فإن المفتي يجب عليه الحكم بمسألة الديانة ولا يجوز الحكم بمسألة القضاء بعكس حال القاضي، والفرق بين الفتوى والقضاء قد يكون فرق الحلال والحرام وقد يكون فرق الاحتياط، وأما ما قلت من وجوب الحكم بالفتوى والديانة على المفتي فيؤخذ من عبارات كتبنا، منها ما في الكنز: قال لامرأته: إن ولدتِ غلاماً فأنتِ طالق واحدة، وإن ولدتِ جاريةً فطالق بثنتين، فأتت بهما ولم يدر الأول، تقع واحدة قضاء وثنتين ديانة، وقد صرحوا بأن الفتوى بثنتين ليس حكم الاستحباب والاحتياط بل حكم واجب وفي فتح القدير أن الإقالة في العزر الفعلي واجبة ديانة لا محض استحباب، وهاهنا بحث وهو أنه إذا رفع الأمر إلى القاضي فحكم القاضي بمسألة القضاء فهل لهذا الرجل بعد القضاء أن يعمل بالفتوى بخيرته أم لا؟ وظني أنه لا يجوز له العمل بالفتوى بعد قضاء

<<  <  ج: ص:  >  >>