للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أقول: يطلق الرطب ما دام لم يصلح للادخار وإن قطع، ولم يجوز الشافعي ومالك وأحمد وصاحبا أبي حنيفة بيع التمر بالرطب وجوزه أبو حنيفة، وحديث الباب يخالفه فأجاب الطحاوي ص (١٩٩) ج (٢) عن سعد بن أبي وقاص، وفيه قيد إلى أجل إلخ، فيكون المنهي عنه البيع نسِئَة، وحديث الطحاوي أخرجه أبو داود أيضاً، ثم هاهنا أسئلة وأجوبة؛ قيل: إذا كان البيع نِسئَة تحت النهي فأيّ فائدة في سؤاله «أينقص الرطب» ؟ إلخ، فإن علة عدم الجواز هو النِسئَة، قال الفاضل بهاء الدين المرجاني صاحب الحاشية على التلويح: بأن سؤاله كان تبرعاً أي زائداً على الضرورة، والوجه النسيئة ثم تبرع، أي؛ أيُّ فائدة في هذا البيع إذا تنقص الرطب؟ ثم لي شبهة أخرى وهي أن نقصان الرطب بعد اليبس بديهي يعلمه كل واحد فما وجه سؤاله عن أمر بديهي؟ وقول: إنه استفهام تقريري لا يشفي ما في الصدور، ولعل المراد ينقص بعدما جف أي هل حال ذلك الرطب أن ينقص؟ فسأل عن حال الجزئي ولم يسأل عن القاعدة. ذكر شراح الهداية أن أبا حنيفة دخل ببغداد فوقع مناظرته بالعلماء في مسائل، منها مسألة بيع التمر بالرطب فقال: جائز، فروى أحدهم عنده حديث الباب، فقال أبو حنيفة: إن زيداً أبا العياش مجهول، ثم قال: إن التمر والرطب جنس واحد أو جنسان، فإن كانا جنسين فيجوز التفاضل أيضاً وإن كانا من جنس واحد فيجوز التساوي، فقال ابن حزم: إن أبا العياش معروف عند أهل الصناعة وإن لم يعرفه أبو حنيفة فإنه أخرج عنه مالك في موطئه، أقول: إن قول هذا من أبي حنيفة إنما كان بلاغة، ولا يتوهم أن قابل النص بالقياس، فإنه لا يفعله العامي أيضاً فضلاً عن إمام المسلمين والمجتهدين، وغرضه أنه محمول على البيع نسئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>