للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٣٣٩] قالوا: إن حديث الباب يرد على الحنفية حين قالوا: إن القضاء نافذ ظاهراً وباطناً، وأنكره البخاري في كتاب الحيل أشد الإنكار، أقول: ليست المسألة أن ينكر ذلك الإنكار فإن عنوان المسألة هذا قضاء القاضي بشهادة الزور في العقود والفسوخ لا في الأملاك المرسلة إذا كان المحل قابل الإنشاء ولا يأخذ القاضي الرشوة نافذ ظاهراً وباطناً وقيود أخر أيضاً، وأما الأملاك المرسلة فهي أن يدعي أن هذا الشيء لي ولا يذكر سبب ملكه فإنه قضاء ظاهراً لا باطناً، وأما وجه عدم نفاذه باطناً فذكر صاحب الهداية أن الشيء يتملك بأسباب عديدة فإذا قضي فالقضاء يكون بدل السبب، ولا وجه ترجيح بعض الأسباب على بعض فيكون ترجيحاً بلا مرجح، والوجه إلى أن العقود والفسوخ في يد القاضي وقدرته بخلاف الأملاك المرسلة، فعلى ما ذكر قلنا: إنه إذا ادعى رجل نكاح امرأة وشهد شاهدان فحكم القاضي بنكاحه حل له الاستمتاع، وزعم خصومنا أنا أخبرنا هذا الارتكاب بلا نكير، والحال أن هذا الزعم فاسد وعلى المدعي والشاهدين وزر الآخرة كما قال الشيخ في الفتح، وخلاف العراقيين والحجازيين في أن النكاح صحيح أم لا؟ والمرأة منكوحة أم لا؟ فقال الحجازيون: إنها تقوم عنده ولا تمكنه من نفسها، وقلنا: إنها تمكنه من نفسها، ثم قال جماعة منا: إن القضاء بمنزلة النكاح حتى قالوا: إنه يجب عند هذا القضاء شاهدان مثل ما يكون الشاهدان في النكاح، وقيل: لا يجب الشاهدان لأن القضاء ليس بنكاح صريح بل النكاح في ضمنه، واتفقنا على أن القضاء قائم مقام النكاح، وأما حديث الباب فلا يرد علينا فإنه في من هو ألحن بحجته، ولا نقول بأن القضاء نافذ بمحض ذلك اللحن بل يجب الشاهدان وغيره من الشروط، ونقول أيضاً: إن الحديث في الأملاك المرسلة فإنه في الميراث لما أخرجه أبو داود ص (١٤٨) ج (٢) ، وقد يدور بالبال أنه مع الحل باطناً من النار لا في الكذب ابتداءً

فقط بل مستمراً، ونظيره ما ذكره في رد المحتار في نكاح الرقيق فيما وطئ جارية ابنه وادعى الولد، والأسهل أن يقال: إنه قطع له من النار من جهة السبب فهو في نفس الدفع لا بعده فالسبب تحقق ابتداءً والاتصاف مستمر كما قال بعض أرباب الفنون. إن التحقق مرة يكفي للصدق بإطلاق العام مستمراً أو أنه حكم من جهة السبب وبمثله قالوا في حديث عمار: «تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» . وأما حجتنا فذكر الطحاوي حين بوب على المسألة وأتى بشيء لطيف من باب التفقه ويذكر أرباب تصنيفنا واقعة علي أنه ادعى عنده رجل نكاح امرأة وشهد شاهد الزور فحكم علي بالنكاح، فقامت المرأة فقالت: واللهِ أعلم أنه كاذب، فأنكحني به

<<  <  ج: ص:  >  >>