[١٤٣٩] في كتب أصولنا أن الحدود زواجر، وعند الشافعية سواتر وكفارات، ولم أجد عن أئمتنا ومشائخنا أن الحدود زواجر فقط لا كفارات، لكن المحقق أن الحدود كفارات بعض الكفارة وعلى هذا عندي نُقول، فإن في جنايات الحج من ملتقط الفتاوى وهو من المعتبرات: أنه إذا جنى وفدى فمغفرة إلا إذا أصّر بحيث يجني ويكفر، ويجني ويكفر ومثله في التيسير تفسير الشيخ نجم الدين عمر النسفي معاصرالزمخشري وهو غير أبي البركات النسفي صاحب الكنز، وكذلك في الهداية ص (٢٠١) كتاب الصيام نقل عن الشافعي وقال: عُلِم أن التوبة ليست بمكفرة للجنايات إلخ، أي الحدود أيضاً دخيلة في المغفرة، وإليه يشير كلام الطحاوي ص (٣٢٣) ، ووجدت في تعزير البدائع تصريح أن الحدود كفارات بعض الكفارة، وللحافظين كلام في شرح البخاري، وأما الأحاديث ففي الصحيحين:«أن الحدود كفارات» ، وفي مستدرك الحاكم عن أبي هريرة قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا أدري أن الحدود كفارات أم لا» والسند قوي باعتراف الحافظ، وأبو هريرة متأخر عن عبادة فالعبرة له، وقال الحافظ: إن حديث عبادة متأخر عن حديث أبي هريرة، وقال: إن عند عبادة حديثين أحدهما في ليلة العقبة والثاني في وقت نزول سورة الممتحنة، وللحافظين هاهنا كلام طويل وقال العيني: إن الحديث واحد، أي في ليلة بيعة العقبة، وله قرائن أعلاها أن في مثل حديث الباب لفظ: أنه كان مع رهط من أصحابه ولا يطلق الرهط على ما فوق الأربعين، وأما في وقت نزول سورة الممتحنة فكان كثير من الصحابة والصحابيات، ثم لنا ما أخرجه الطحاوي ص (٢٨٦) ج (٢) عن محمد بن ثوبان، ثم قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تب إلى الله» إلخ، فدل على أن قطع اليدين فقط لم تكن كفارة كل كفارة.
قوله:(كفارة له إلخ) التنوين أيضاً مفيد لنا في المسألة ولا يدريه إلا من كانت له حذاقة في علم المعاني، قال التفتازاني في المطول: إن تنوين الخبر لا فائدة فيه، أقول: ربما تكون فيه فوائد وسيما إذا وقع لفت له فخرج من أن يكون وصفاً إلى أن يكون ذاتاً، وكما في البخاري أيضاً:«إيمان بالله ورسوله» إلخ، أي شيء إيمان بالله ورسوله.