للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢١٣٤] اسمع على طور النكتة أن مسألة التقدير مذكورة في سورة البقرة فإنه تعالى قال لآدم: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} فأخطأت الملائكة وقالوا: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: ٣٠] . لكنهم لم يصروا على الخطأ فخلق الله آدم وأمر الملائكة بالسجود، وكان الغرض من السجود تسليم خلافة آدم فسلمت الملائكة خلافته، وخالف إبليس وارتدّ وحاج مع خالق المخلوق تبارك وتعالى ولا يجرئ أحد من المخلوق على المحاجة مع الخالق وإن هذا إلا كفر وظلم صريح، ولم يتب الملعون عن خطئه، فعلّم الله آدم التلكيف والتشريع وستر عنه التقدير، وأخذ أهل السنة والجماعة بالتشريع والتقدير ووفقهم الله الجمع بينهما، وقال الجبرية بالتقدير وذهب عنهم التشريع وقال المعتزلة بالتشريع لا بالتقدير، ثم اعلم أن التشريع والتكليف أيضاً في إحاطة التقدير، فعلم الله آدم أمراً ونهيا ونهى عن قرب الشجرة لكنه نسي وأكل وبكى على نسيانه مدة، ولم يصر على ما ارتكبه فتاب الله عليه، كما كان الأليق في المخلوق وخالقه فاستخلفه الله على الدنيا إلى أبد الدهر، فعلم من هذا أن الإنسان أفضل فإنه خلق فيه الخير والشر وكلف بالخير وهو في إحاطة التقدير، ومقتضى العقل أيضاً أفضلية الإنسان على الملك، ثم اصطفى الله موسى، للمناظرة مع آدم وكان موسى حديد الطبع فحج آدم موسى وكان إذن مقابلة مخلوق بمخلوق والعالم وراء عالم التشريع كما قال ابن همام في المسائرة فلا يعتذر في عالم التشريع بعالم التقدير، ولم يناظر آدم مع الرب تبارك وتعالى موقوع الأمر بينهما أمر الخالق والمخلوق وكان الدار دار التكليف، وقال الحافظ ابن تيمية: إن التمسك بالقدر كان في المصيبة لا عذراً في المعصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>