للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خاصة، فإن الظاهر أنه صلى الظهر يوماً ثانياً بعد المثل الأول، وهو مذهب أبي حنيفة، وزعم الشارحون أن الحديث مخالف لأبي حنيفة، وحاصل حديث الباب الفصل بين الوقتين أي إذا صلى الظهر تعجيلاً صلى العصر تعجيلاً، وإذا صلى الظهر تأجيلاً، يصلي العصر تأجيلاً وبعد هذا فأقول: إن المراد من الوقت بين الوقتين الوقت المستحب، ولا يرد علينا وقت العصر فإن الظاهر من الحديث أنه صلى العصر بعد المثلين وقبل المثل الثالث، وهو المستحب عندنا فلا ضير وأفتى صاحب الدر المختار بأداء الظهر في المثل الأول، ورد عليه ابن عابدين بأن المثلين ظاهر الرواية، وأقول: إن الحق إلى صاحب الدر المختار، فإن المثل الثاني وقت الضرورة للظهر، وذكر الشيخ سيد أحمد الدحلاني الشافعي في رسالة رجوع أبي حنيفة إلى المثل الأول ناقلاً عن الفتاوى الظهيرية، وخزانة المفتين، والكتابان من المعتبرات، وأما خزانة الروايات فغير معتبر، وظني أن مراد أبي حنيفة بوقت الظهر إلى المثلين، أنه إلى أقل المثلين فإنه قال محمد في المبسوط والموطأ ص (٤٤) إن وقت العصر لا يدخل عند أبي حنيفة إلا بعد المثلين، وذكر مذهبين مذهبه ومذهب أبي يوسف أن وقت الظهر إلى المثل وزيادة شيء، ولم يذكر آخر وقت الظهر عند أبي حنيفة فلعله لا يبلغ إلى المثلين، وإمامة جبرائيل مروية عن خمسة أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عن جابر بن عبد الله، وابن عباس، أخرجهما الترمذي، وعن أبي هريرة عن الغساني، وعن ابن عمر عند الدارقطني بسند حسن، وعن أنس عند الدارقطني وفي سنده رجل متكلم فيه، وأخرج عند ابن السكن في صحيحه من رواة الحسان، وأما استدلالاتنا فذكرها صاحب البحر في رسالة: «إزالة الغشاء عن وقتي الظهر والعشاء» ومنها حديث: «أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم» وفيه نظر لأن الإبراد أمر إضافي يختلف باختلاف الفصول، ومنها حديث قوله في السفر:

أبردوا، أبردوا وقال الراوي: حتى تساوي فيء التلول، وقال النووي: إنه عليه الصلاة والسلام جمع بين الظهر والعصر وقتاً فلم يصح حجة لنا عليهم، ومنها حديث البخاري، حديث تمثيل هذه الأمة بالأمم السابقة، وأخرجه محمد في آخر موطأه ص (٤٠٨) ، واحتج به على تأخير العصر كما هو مستحب عندنا، وأقول: إن الاحتجاج به على المثلين فيه نظر، وعلى استحباب تأخير العصر صحيح، ووجه استدلال المتأخرين على المثلين أن الوقت بعد العصر يجب أن يكون أقل من الوقت بعد نصف النهار إلى آخر الظهر، ولو كان الوقت إلى المثل يكون أقل مما بعده إلى غروب الشمس، وإلا فلا يتحقق فضل هذه الأمة على الأمم السابقة، أقول: إن الوقت مما بعد نصف النهار إلى المثل الأول بأكثر مما بعد المثل الأول إلى غروب الشمس، فلا يصح الاستدلال، وقد ضعف الاستدلال ابن حزم الأندلسي في المحلى، وقال: إن المثل الأول أزيد من جميع الأمثال الباقية، نعم الاستدلال بالتشبيه الأول المذكور في ( «إنما أجلكم فيما خلا من الأمم كما بين صلاة»

<<  <  ج: ص:  >  >>