للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلخ، وأقول: كيف يقال بأنه منكر مع ثقة الرجال؟ وحديث الباب لنا، وقال مولانا المرحوم الگنگوهي: إن حديث الباب ناسخ للإباحة المستفادة من حديث الباب السابق، وبناؤه على كون حديث الباب غير ذلك الحديث ونقل الحافظ أبو بكر الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ: إن بعض العلماء على تعدد الحديثين، فإذا كان حديث الباب غير ذلك الحديث، فمن الظاهر أن حديث الباب متأخر عن ذلك الحديث ويظن أن الحديثين واحد، وفي حديث الباب في أبي داود: وقال راوٍ: أظن أنها الصبح، وقال رأوٍ. إنها الصبح بالجزم، لكنه يلزم الخلاف بين الحديثين، فإن في السابق ذكر قراءة الفاتحة خلف الإمام، وفي حديث الباب انتهاء الناس عن القراءة، فأقول: إنه عليه الصلاة والسلام استثنى الفاتحة لكنه كان غير مرضي عنده عليه الصلاة والسلام، ولما زعم الصحابة عدم رضاءه عليه الصلاة والسلام، انتهى عنها الجمهور إلا عبادة، فعبر الرواي بـ «فانتهى الناس عن القراءة» فيكون الحديثان متحداً ثم نكتة ترك أبي هريرة ذكر إجازته عليه الصلاة والسلام الفاتحة أنه لو ذكر مع قوله: «فانتهى الناس» عن القراءة لما صار الكلام مربوطاً ومسد كلام أبي هريرة وغرضه بيان انتهاء الناس عن القراءة وتركهم القراءة ولا مدخل استثناء الفاتحة في غرضه ومسده ثم قال الشافعية: ولو سلمنا أن «فانتهى الناس عن القراءة» قول أبي هريرة لكان المراد من الانتهاء الانتهاء عن الجهر، وأقول: إن هذا التأويل محض تأويل لا يقبل العقل السليم، ولو قيل: إنهم تركوا السورة وانتهوا عنها لا عن الفاتحة فلا بد من النص عليه.

ولما حققت من مذهب أبي حنيفة عدم جواز القراءة في الجهرية وجوازها في السرية مع اختيار تركها فيها فأذكر الأدلة: فلنا في السرية ثلاثة أحاديث: أحدها: حديث: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» أخرجه الدارقطني والبيهقي مرسلاً وصله أبو حنيفة وقالا: الصواب الإرسال، وتكلم الدارقطني في وصل أبي حنيفة، وذكره جابر بن عبد الله، ورد تكلمه في حقه وأقول: إن حديث «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» صحيح بلا ريب وأما قول: إنه مرسل فجوابه من ثلاثة أوجه:

الأول: أنه لو سلمنا أن الصواب الإرسال كما اعترفتم فنقول: إن المرسل المؤيد بفتيا الصحابة يكون مقبولاً عند المحدثين بلا نكير، ووافقه كثير من فتاوى الصحابة حتى إن ألفاظ بعض الفتاوى قريبة من ألفاظ الحديث، منها فتوى ابن عمر أخرجها مالك في موطأه، ومنها فتوى زيد بن ثابت أخرجها مسلم في صحيحه باب سجدة التلاوة، ومنها فتوى جابر بن عبد الله أخرجها الترمذي في سننه كما سيأتي فلا وجه لتركه.

والوجه الثاني: إن منتهى السند المرسل عبد الله بن شداد، وأقر الحافظ في الفتح بكونه صحابياً صغيراً، وعن أحمد بن حنبل أنه وجد رؤيته عليه الصلاة والسلام ولم يسمع عنه فيكون مرسل الصحابي، ومن المعلوم أن مرسل الصحابي مقبول بلا ريب، فإنهم اتفقوا على قبول مراسيل الصحابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>