المخاطب بما لا يلتزمه، لا أنه عليه الصلاة والسلام زعم أنه يصلي فريضةً أخرى، بل زعمه عليه الصلاة والسلام أيضاً أنه يصلي السنة، وإنكاره عليه الصلاة والسلام ثابت مثل هذا في أحاديث، منها ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ:«أتصلي الصبح مرتين» ، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن سرجس:«بأية صلاتيك اعتددت» ، ومنها ما في حديث عبد الله بن بحينة قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الصبح أربعاً» وحديث الباب مرسل، ولنا ما روي عن ابن عمر: لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس. إلخ، وقال بعضهم: الحديث متواتر لأنه مروي عن قريب من عشرين صحابياً.
قوله:(فلا إذاً. . إلخ) قال العلامة محي الدين الكافيجي: إن (إذن) التي هي ناصبة المضارع ويقال: إنها من الحروف مغيرة من إذا الشرطية، ويجوز كتابتهما بالنون أي إذن في حديث الباب ورد:«فلا إذاً» وفي ابن ماجه: (فسكت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، وفي مصنف ابن أبي شيبة: فلم يأمره ولم ينهه، وفي بعض الرويات: أنه عليه الصلاة والسلام ضحك، واختلف أهل المذهبين في شرح لفظ الباب:«فلا إذاً» فقال، الشافعية: معناه فلا بأسَ إذن، أي يجوز أداؤهما بعد الفجر قبل الطلوع، وقال، الأحناف: معناه فلا تصلي مع هذا، العذر أيضاً، أي، «فلا إذاً» ، للإنكار، وكان يختلج في صدري أن الفاء صحيحة وفصيحة على قول الشافعية، أما على قول الأحناف فلا تكون مربوطة فنظرت هل أجد نظيراً أم لا؟ فوجدت في الآية {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ}[الطور: ١٥] قال الزمخشري: إنه إنكار وقد دخلت الفاء، ثم تتبعت الأمثلة لمثل هذه المحاورة أي استعمال مثل «فلا إذن» للإنكار فوجدت أمثلة، منها ما في مسلم المجلد الثاني: أن نعمان بن بشير وهب لابنه من الزوجة الثانية حصة ما له فقالت له زوجته: إني لا أرضى ما لم يكن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، شاهداً على هبتك فجاء إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وهبت لغير هذا لابن من النبين أم لا فقال لا فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فلا إذن» . . إلخ، فاستعمل