للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المشهور منا: أن هذا الرجل كان في هيئة بذة، وكان غرضه عليه الصلاة والسلام أن يجمع له المتفرقات من الناس، وأنه عليه الصلاة والسلام أمهل خطبته.

وأما كونه في هيئة بذة فثابت في حديث الباب والنسائي الصغرى ص (٣٠٨) . أنه جاء رجل يوم الجمعة والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب بهيئة بذة. . إلخ.

وأما الحض على الصدقات له فمذكور في النسائي والطحاوي.

وأما إمهال الخطبة ففي سنن الدارقطني أخرجها رجال ثقات، ثم نُقِل عن أحمد أن الصواب إرساله، فيكون من خصوصية سُليك.

وأما مسألة إمهال الخطبة إنه جائز أم لا فمحولة إلى الفقه، وقيل: إنه عليه الصلاة والسلام كان لم يشرع في الخطبة وقال العيني: إن النسائي أخرج ما يدل على عدم الشروع، وبوَّب عليه في السنن الكبرى، أقول: إني راجعت فلم أجد، ويمكن التمسّك في هذا بما أخرجه مسلم ص (٣٨٢) : ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاعد على المنبر. . إلخ، فقعوده دل على أنه لم يشرع، وتأول النووي فيه، ويمكن الجمع بين ما في مسلم وما في سنن الدارقطني بأنه عليه الصلاة والسلام كاد أن يشرع، فإنه قد جلس على المنبر، ولما جاء سُليك أمهل خطبته، أي لم يشرع فيها، ولا بُعد في هذا الجمع، ويمكن أن يجعل الروايتين جوابين ثم نقول: إن مدعى الخصم أن هذه الصلاة صلاة التحية، والحال أنه يخالفه ما في ابن ماجه ص (٢٩) بسند قوي: «أصلّيتَ ركعتين قبل أن تجيء؟» قال: «لا، قال: «فصل الركعتين، وتجوَّز فيها» فدل على أنهما ركعتان قبل الجمعة لا تحية المسجد، أخرجه الزيلعي أيضاً من سنن ابن ماجه، وقال أبو الحجاج المِزِّي الشافعي وابن تيمية: إن في ابن ماجه تصحيفاً، وأصل الرواية «أصلّيت قبل أن تجلس. . إلخ» ، ثم قال ابن تيمية: إن رواة ابن ماجه أي ناقلون ليسوا بمتقنين ووقع فيه تصحيف كثير.

أقول: إن الأوزاعي أو إسحاق بن راهويه بنى مذهبه على رواية ابن ماجه، وقال: لو صلى السنن في البيت لا يصلي إذا خطب الإمام، ولو لم يصلهما فليؤدهما في المسجد وإن أخذ الخطيب في الخطبة وأيضاً في جزء القراءة للبخاري: قال جابر: وإن كنت أصلي السنن في البيت أصليهما في المسجد وإن خطب الخطبة، على ما أمر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سليكاً. وراوي رواية ابن ماجه هو جابر، فعلم أنه ليس بتصحيف، ولفظ (قبل أن تجيء) صحيح، وإن لم يوافقنا جابر، وقال ابن حجر حين مر على رواية ابن ماجه: إن المجيء هو المجيء من موضع المسجد إلى موضع آخر، لا

<<  <  ج: ص:  >  >>