للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥١٢] قال الأحناف والموالك وقريب منهم الحنابلة: إنه لا يجوز كلام في الخطبة، وكذلك القول القديم للشافعي، وأما جديده فيجوز الكلام عند خطبة خطيب، ونقول: إن الخطبة كالصلاة.

وتمسك الشافعي على الجواز بحديث أنه عليه الصلاة والسلام أرسل الصحابة لقتل كعب اليهودي، فرجعوا والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب، فسأل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفلحت الوجوه؟» فقالوا: نعم يا رسول الله، وواقعة أخرى أنه عليه الصلاة والسلام كان يخطب فجاء رجل فسأله عليه الصلاة والسلام وأجابه الرجل.

ونقول بما في فتح القدير: إن الإمام له أن يتكلم في مهمات الدين ومسائل الدين، مثل بعث السرية، ثم من شأن الخطبة الاستماع، فإن الكلام على أنواع: القراءة، والتلاوة، والمناجاة، والدعاء، والتبليغ، والخطبة، والدرس، ولكل واحد منها شأن على حده، وظني أن مناط قول الشافعي في الخطبة والقراءة خلف الإمام واحد، والله أعلم.

قوله: (أنصت فقد لغا إلخ) فإنه يكفيه التعليم بالإشارة، وتمسك بعض الأحناف بمثل هذا العموم على نفي تحية المسجد، أقول: الأولى والأصوب الكلام في الخاص ولا ينبغي الاحتجاج بالعام مقابلة الخاص، فإنه يمكن لأحد أن يمنع عدم الفرق بين تعليم المسألة وتحية المسجد.

وأما السلام في الخطبة فلا ينبغي، ولو سلم فلا يرده، وكذلك تشميت العاطس منهي عنه في الخطبة، وإذا قرأ الخطيب: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: ٥٦] يقول المستمع: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نفسه، أي بكلام نفسي، هكذا روي عن أبي يوسف رحمه الله، ونقل صاحب البحر أن أبا يوسف كان إذا لم يبلغه صوت الخطيب يأخذ في تصحيح الكتاب.

وأما الكلام إذا قعد الإمام على المنبر ولم يشرع فيه، أو جلس بين الخطبتين، فقال شارح الكنز: لا يتكلم بشيء، وقال في النهاية: لا يتكلم بكلام الدنيا، وقال في العناية: إنه يجيب الأذان

<<  <  ج: ص:  >  >>