وهذه الخطوة يلجأ إليها المُنكر بعد عدم جدوى أسلوب اللطف واللين، فحينئذ يغلظ له القول، ويزجره مع مراعاة قواعد الشرع في ذلك. وعليه ألا ينطق إلا بالصدق، ولا يطيل لسانه بما لا يحتاج إليه بل على قدر الحاجة.
وقد استعمل أبو الأنبياء إبراهيم – عليه السلام – هذا الأسلوب، قال تعالى حكاية عنه:{أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}(١) .
الخطوة الرابعة: التهديد والتخويف:
وهذه الخطوة هي آخر المحاولات في النهي باللسان، ويعقبها بعد ذلك إيقاع الفعل كأن يقال لمرتكب المنكر: إن لم تنته عن هذا الفعل لأفعلنَّ بك كذا وكذا. أو لأخبرن بك السُلطات لتسجنك وتعاقبك على فعلك.
ولكن ينبغي أن يكون هذا التهديد والتخويف في حدود المعقول عقلاً وشرعاً حتى يعرف أن المنكر صادق في تهديده، لأنه لو هدده بأمور غير جائزة شرعاً وغير معقولة عرف أنه غير جاد في كلامه (٢) .
المرتبة الثالثة: الإنكار بالقلب:
إذا عجز المؤمن عن الإنكار باليد واللسان، انتهى إلى الإنكار بالقلب فيكره المنأكر بقلبه، ويبغضه، ويبغض أهله – يعلم الله ذلك منه - إذا عجز عن تغييره بيده ولسانه – وهذا الواجب لا يسقط عن المؤمن بوجه من الوجوه، إذ لا عذر يمنعه ولا شيء يحول بينه وبينه، وليس هناك شيء من التغيير ما هو أقل منه، كما جاء في حديث أبي سعيد المتقدم ((وذلك أضعف الإيمان)) (٣) يعني أقل ما يمكن به تغيير المنكر.
وكذلك الحديث الآخر عن ابن مسعود رضي الله عنه ((وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)) (٤) ، أي لم يبق بعد هذا من الإنكار ما يدخل في الإيمان حتى يفعله المؤمن ويثاب عليه، بل الإنكار بالقلب آخر حدود الإيمان.
قيل لابن مسعود – رضي الله عنه – من ميت الأحياء؟ فقال: الذي لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً (٥) .
وهذا هو المفتون الموصوف في حديث حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – بأنه لا