وقد غلَّط شيخ الإسلام ابن تيمية هذه اللفظة كما ذكره عنه تلميذه ابن القيم ( [٧٧] ) فقال: ومنهم من احتج بما رواه ابن ماجة ثم ذكر الحديث، وقال: قَال أبو البركات: وقوله ((قبل أن تجيء)) يدل على أن هاتين الركعتين سنة الجمعة وليستا تحية للمسجد قَال شيخنا حفيده أبو العباس: وهذا غلط والحديث المعروف في الصحيحين عن جابر قَال: دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله r يخطب فقال: أصليت؟ قَال: لا. قَال: فصل ركعتين. وقَال:((إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما)) فهذا هو المحفوظ في هذا الحديث، وأفراد ابن ماجة في الغالب غير صحيحة هذا معنى كلامه. ا. هـ.
الأمر الثاني: أن هذه اللفظة ((قبل أن تجيء)) تصحفت من بعض الرواة أو النساخ، وأصلها ((قبل أن تجلس)) .
قَال ابن القيم ( [٧٨] ) : قَال شيخنا أبو الحجاج المزي: هذا تصحيف من الرواة إنما هو: أصليت قبل أن تجلس. فغلط فيه الناسخ وقال: وكتاب ابن ماجة إنما تداولته شيوخ لم يعتنوا به بخلاف صحيح البخاري ومسلم فإن الحفاظ تداولوهما واعتنوا بضبطهما وتصحيحهما، قَال: ولذلك وقع فيه أغلاط وتصحيف.
وقَال ابن القيم قلت: ويدل على صحة هذا إن الَّذِين اعتنوا بضبط سنن الصلاة قبلها وبعدها وصنفوا في ذلك من أهل الأحكام والسنن وغيرها لم يذكر واحد منهم هذا الحديث في سنة الجمعة قبلها، وإنما ذكروه في استحباب فعل تحية المسجد والإمام على المنبر واحتجوا به على من منع فعلها في هذه الحال فلو كانت هي سنة الجمعة لكان ذكرها هناك والترجمة عليها وحفظها وشهرتها أولى من تحية المسجد، ويدل عليه أيضا أن النبي r لم يأمر بهاتين الركعتين إلا الداخل لأجل أنها تحية المسجد ولو كانت سنة الجمعة لأمر بها القاعدين أيضا ولم يخص بها الداخل وحده. ا. هـ.