وأما قوله:((كان يطيل الصلاة قبل الجمعة)) فإن كان المراد به بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون مرفوعا لأنه r كان يخرج إذا زالت الشمس فيشتغل بالخطبة ثم بصلاة الجمعة، وإن كان المراد قبل دخول الوقت فذلك مطلق نافلة لاصلاة راتبة فلا حجة فيه لسنة الجمعة التي قبلها بل هو تنفل مطلق وقد ورد الترغيب فيه كما تقدم في حديث سلمان وغيره حيث قَال فيه ((ثم صلى ما كتب له.))
وكذا أبو شامة ( [٢١٢] ) أجاب بنحو هذا الجواب
أما الجواب عن الدليل الثاني:
فإنه لايدل على ثبوت سنة راتبة قبل الجمعة كالعصر والعشاء، ثم لو سلم بهذا وأن الحديث يدل على ذلك فإن الجمعة مخصوصة من هذا العموم لظاهر فعل النبي r وأنه لم ينقل أن النبي r بعد أذان المؤذن يوم الجمعة يصلي حتى يوافق هذا الحديث بين الأذان والإقامة.
قَال شيخ الإسلام ابن تيمية ( [٢١٣] ) : ((والصواب أن يقال: ليس قبل الجمعة سنة راتبة مقدرة، ولو كان الأذانان على عهده فإنه قد ثبت عنه في الصحيح أنه قَال: ((بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة بين كل ذانين صلاة ثم قَال في الثالثة: لمن شاء)) كراهية أن يتخذها الناس سنه فهذا الحديث الصحيح يدل على أن الصلاة مشروعة قبل العصر وقبل العشاء الأخرى وقبل المغرب وأن ذلك ليس بسنة راتبة وكذلك قد ثبت أن أصحابه كانوا يصلون بين أذاني المغرب وهو يراهم فلا ينهاهم ولا يأمرهم ولا يفعل هو ذلك فدل على أن ذلك فعل جائز.
وقد احتج بعض الناس على الصلاة قبل الجمعة بقوله ((بين كل أذانين صلاة)) وعارضه غيره، فقال الأذان الَّذِي على المنابر لم يكن على عهد النبي r ولكن عثمان أمر به لما كثر الناس على عهده، ولم يكن يبلغهم الأذان حين خروجه وقعوده على المنبر ويتوجه أنه يقال إن هذا الأذان لما سنه عثمان واتفق المسلمون عليه، صار أذانا شرعيا وحينئذ فتكون الصلاة بينه وبين الأذان الثاني جائزة حسنة وليست سنة راتبة كالصلاة قبل المغرب.