قَال أبو شامة ( [٢١٩] ) : ((قَال بعض من صنف في عصرنا قوله: ((قبل أن تجيء)) يدل على أن هاتين الركعتين سنة الجمعة قبلها وليست تحية المسجد كأنه توهم أن معنى قوله قبل أن تدخل المسجد أي أنه صلاها في بيته وليس الأمر كذلك، فقد أخرج هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما وليس في واحد منها هذا اللفظ وهو قوله ((قبل أن تجيء)) فقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ((قم)) دليل على أنه لم يشعر به إلا هو قد تهيأ للجلوس فجلس قبل أن يصلي فكلمه حينئذ وأمره بالقيام وجوز أنه يكون صلى الركعتين عند أول دخوله إلى المسجد قريبا من الباب ثم اقترب من رسول الله r ليسمع الخطبة فسأله أصليت؟ قَال: لا. فقوله فيما أخرجه ابن ماجه ((قبل أن تجيء)) يحتمل أن يكون معناه قبل أن تقرب مني لسماع الخطبة، وليس المراد قبل أن تدخل المسجد فإن صلاته قبل دخول المسجد غير مشروعة فكيف يسأله عنها، وذلك أن المأمور به بعد دخول وقت الجمعة إنما هو السعي إلى مكان الصلاة فلا يشتغل بغير ذلك وقبل دخول الوقت لايصح فعل السنة على تقدير أن تكون مشروعة.
ومن الدليل على صحة ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسأل أحدا غير هذا الرجل الداخل عن كونه صلى سنة الجمعة أو لم يصل. دل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعتن بالبحث عن ذلك، وإنما لما رآه قد جلس ولم يفعل ما هو مشروع له من تحية المسجد بركعتين أمره بهما ثم قَال:((إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما)) أي أن خطبة الإمام والاستماع لها غير مانع من تحية المسجد ... )) اهـ.